فدوى موسى

مين راضي؟

[ALIGN=CENTER]مين راضي؟ [/ALIGN] دائماً ما تقول العامة «عين ابن آدم لا تملأها إلا التراب».. إن جاء الصيف تشوًّق الناس للشتاء وإن جاء الأخير تشوَّقوا للأول، وإن حضر زيد ودّوا لو حضر عبيد والعكس بالعكس.. وخلال هذه التضادية في الرغبات.. تظل تبرز آليات الإنسان المختلفة في التداول مع أمور الحياة العريضة.. فمنهم من يأخذ الأمور مأخذ جد ويطرق على أوتارها طرقاً منطقياً.. وهناك من يرى الأمر مجرد (مما حققه) مع الزمن والأحداث.. معضداً نفسه مبرراً للتجفاف الجاد الذي لا يستطيع تبنيه في مسير الحياة.. ولكن تبقى هناك قيمة إنسانية هامة وهي قيمة الرضا بالأشياء كبيرها وصغيرها.. فيزيائيتها وكيميائيتها.. ولأن الأحداث الآتية في مقبل الأيام تعد مفصلاً تاريخياً في حياة البلد شعباً وأرضاً ونظاماً… هذا السودان الممتد مساحةً وناساً.. ثقافات و… و… تنوع كبير، قلما يتوفر في قطر واحد، يحتاج للحكمة عند الشباب والشيبة.. إن الطَرْق على قيمة الرضى والتراضي واجب.. في ظل «الأنا والهي والهو» بمعنى دائرة الذوات والآخرين.. فإذا ما تراضى السواد الأعظم لميزان الانتخاب والاختيار… فإن التأكد من صلاحية الميزان أمر بديهي ومن ثم الرضا بالمقياس خيار لا آخر بعده… وقد تبرز الجوانب الإنسانية المرتبطة بتعقيد العقلية الإنسانية التي تجعلها تزيد أو تنتقص من ثقة فعالية وحساسية هذا الميزان إيجاباً وسلباً وعلينا أن نقبل قيمة الرضا كنوع من الإنسانية الواجبة… ولك أن تتخيل الرضا المطلوب في هذه البلاد في المرحلة القادمة.. خاصة الرضا الجماعي «ومين راضي.. ومين القاضي».

واسطة … أصبح أمر الوساطة ثقافة سودانية شائعة لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يتجاوزها بحكم أنك قد تجد نفسك دون مقدمات واقع داخل هذه الدائرة بحسن نية أو بالظن الحسن… فمثلاً أن تكون «حاسس بحسس» أسرة معينة عقدت كل آمالها على ابن أو أبنة والآن هذا الأخير يدخل دوامة العطالة.. وما أن تتاح فرصة لتزكيته أو الدفع به إلى الأختيار لشغل وظيفة معينة دون الآخرين إلا وتجد الدافع والمبرر لدعمه في هذا الاتجاه.. دون أن تكون دوافعك شريرة أو غير قانونية.. وأشكال الواسطة تختلف وممارستها أيضاً تختلف وبحكم أنك قد لا تكون إنساناً معلياً من حساسية ميزان المثالية فقد تمارس بعضاً من الميل والمزاجية إذ ما كنت داخل لجنة معاينة وانجرفت إعجاباً بعرض أحد طالبي الوظيفة من تنميق كلامه أو مظهره المقنع فقد تكون أحد أطراف «الواسطة» دون أن تدري ولا تملك من أمر نفسك شيئاً … إذاً (الواسطة) تحاصر الكل بدون فرز، ولا شك أنك ستقع فريسةً غير منتبهةٍ حتى وإن لم تطبقها للآخرين فإنك تساعد «أولاد أهلك… بنات أهلك…»

نكران

عندما تتفجر عطايا للآخرين غالباً ما تكون دوافعك غير مادية البتة.. وفي الغالب إن الذي يبذل قدرته للآخرين هو إنسان كريم غير بخيل وغير طامع في ما بأيدي الآخرين.. فإن كان مادياً ما أقدم على تفجير العطايا وإخلاء ما بجيبه، خاصة وأن الضمانات دائماً ما تكون ضعيفة لعودة المخزون إلى جيبه عندما تدمن يده المد والعطاء ويختزن عقله مبادئ الصدقات.. وأصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب.. إن كرمه تتسع مساحاته، ولكن بالمقابل هل حقاً يقدر له هذا البذل والدنيا تضج بالنكران والجحود الذي قد أصبح طابعاً عاماً.. والجرائم المستغربة حتى الآن مثل قتل الأبناء لآبائهم.. وسرقة الأبناء والبنات لآبائهم الذين يعملون ليلاً نهاراً لعمل مدخور مستقبلي لهم.. أو خروج بعض الشباب على منظومة الأعراف والتقاليد.. وطيف من النماذج كلها تصب في مصلحة النكران.

آخرالكلام:- رضيتوا أم أبيتوا… (الواسطة) واقع يمارسه الكثيرون دون أن يفطنوا لذلك ولكنهم يترقبون ويترصدون الآخرين ويقبضونهم متلبسين.. وليكون النكران طابع الحال مهما كانت الدواعي لهذه (الوساطة) خدمة يُتم أو رفع وانتشال أسرة من براثن الفقر…

سياج – آخر لحظة – 1318
fadwamusa8@hotmail.com

تعليق واحد

  1. مقال رائع يا ستاذة فدوى وياريت كل الصحفيين والصحفيات يفتكرو مثل هذه الزوايا كى نتفاكر فيها وهى لست جديده علينا بل الناس لاتتداركها لا فى وقتها انا بشكرك على هذا الكلام الجميل المفيد