مشوار في حياة امرأة سودانية (3): زكية مكي عثمان أزرق
عدت للخرطوم في العام 1963 وسكنت في منزل حكومي مع أسرتي في الخرطوم شرق ، كانت لنا عدة نشاطات في الحي ، عملنا جمعية تعاونية نسائية مع لجنة مكونة من السيدات ، منهن فوزية فضل ونفيسة المليك وأم النصر عثمان ميرغني وفريال عبد الرحمن وأخريات وشخصي ، إفتتحنا دكان تعاون في جمعية الخرطوم شرق التعاونية وجمعنا تبرعات ولازال رصيد الجمعية مسجلاً بأحد البنوك بالخرطوم .
كانت النساء في الخرطوم شرق تدرسن الإسعافات الأولية والتمريض في دار الهلال الأحمر ، وتوجنا دراستنا بنيل الشهادات العالمية بقيادة السيد محجوب سلطان ، كما كانت هناك نشاطات للأطفال في السباحة ، يدربهم السباحون سليم وكيجاب وفضل وغيرهم في النادي الأرمني والثقافي في الخرطوم شرق . اشترك أبنائي أمل ومعز وأحمد في المسابقات حيث حصلوا على بعض الميداليات .
أما النشاط الكشفي فقد فتحت القائدة آنينا هيلانة فرقة مرشدات من فتيات الحي ، وكذلك كونت المرشدة سميرة حسن حمو فرقة للطيور الزرقاء الصغيرة يجتمعن في حديقة منزلنا كل منهما في يوم مختلف .
في التعليم كُلفتُ بفتح مدارس بنات الخرطوم غرب المتوسطة وريفي الخرطوم ، لذلك جمعت التلميذات من مدارس العاصمة الخرطوم وكرري وأم درمان والملازمين ، وبدأت بإنشاء فصل أولي في مدرسـة حلة حمد الابتدائية ، ولهذا الفصل الواحد أسرة تدريس تتكون من الأستاذات عاتكة شوقي ، وزينب كمال ، وفهيمة سبيل ، وكوثر إبراهيم – تحت إدارتي ، وجدنا كل تعاون من أسرة مدرسة حلة حمد الابتدائية ، وأكرمتنا مديرتها السيدة علوية عثمان الناجي بكل ما نحتاج إليه من أثاثات وأدوات مدرسية ، وكنت حينها أشرف على المباني الجديدة للمدرسة مع الأستاذ عبد الرازق عبد الغفار – مدير التعليم – والإخوة الموجهين في مكتب تعليم الخرطوم ، وفي العام التالي رُحِّلت المدرسة إلى مباني المدرسة الأهلية للبنين ، فساهم الأستاذ أحمد الزبير رشيد مدير المدرسة مشكوراً في تجهيز الفصول والداخليات لتلميذات الريف.
في العام 1963م رُحِّلت المدرسة إلى مبانيها العامرة والموجودة حالياً وهي مدرسة الخرطوم بحري (1) و (2) وريفي الخرطوم ، وفصل التغذية الذي يشرف عليه الأستاذ المرحوم السنوسي إبراهيم. وقد أختيرت نخبة من المعلمين والمعلمات لهذه المؤسسة التي حققت نجاحاً مرموقاً وذكرى طيبة باقية فكانت مركزاً للإجتماعات والتصحيح لجميع مدارس المنطقة حكومية وشعبية في تعاون وثيق .
نُقلتُ بعد ذلك إلى مكتب التوجيه الفني حيث مارست عملية التوجيه الفني في مدارس العاصمة جميعها بنين وبنات ثم كبيرة موجهين في مكتب تعليم أم درمان ، ثم كبيرة مشرفين تربويين لمكتب تعليم ولاية الخرطوم.
العمل الاجتماعي تكوين الاتحاد النسائي :
في عام 1951م ويوم سفري لاستلام عملي في وادي حلفا كانت في وداعي بعض الزميلات: فاطمة طالب ، وأم سلمة سعيد ، وحاجة كاشف بحضور شقيقتي عزيزة مكي. ودار الحديث بيننا في قيام اتحاد نسائي للمرأة السودانية ليجمع شملها ، ويحقق أهدافها ، ونوقشت الفكرة طويلاً وأيدها الوالد حيث أقام حفل شاي لهذا الغرض ، وقد دعت إليه شقيقتي عزيزة رائدات العمل الطوعي في المنزل نتـج عنه قيام الاتحاد النسائي العظيم ، وفتحت له أنا أول فرع بوادي حلفا .
تسجيل الاتحاد الأم :
جمعية المرشدات السودانية :
اشتركتُ في غرفة مرشدات مدرسة الاتحاد العليا وبعض الزميلات ، ونحن الستة عشر بقيادة المس بيكر قائدة الفرقة وهي سيدة بريطانية نشطة ومرحة ومسلحة بمادتها الكشفية ، مما جعلنا نحن نحب المنشط الكشفي هذا الذي غرس فينا روح الريادة والقيادة والاعتماد على النفس وتحمل المسئولية. وكانت اجتماعات الفرقة تعقد بحديقة في سراي الحاكم العام “القصر الجمهوري”.
تدرجت ُفي العمل الكشفي قائدة ومفتشة منطقة ثم أول رئيسة سودانية لجمعية المرشدات عام 1956م فكُرمتُ بشهادة تقديرية من المكتب العالي للمرشدات منحتني إياها الليدي بادن باول – مؤسسة حركة المرشدات في العالم -. وبفضل نشاط وجهود إخواتنا المرشدات توسعت الحركة وانتشرت في جميع مدن السودان في الشمال والجنوب والشرق والغرب ، فقمن بتدريب القائدات وأقمنا المعسكرات وفتحنا الفرق في المدارس السودانية والأجنبية وفي الأحياء ، وكونَّا مجالس الآباء والأمهات وأعيان البلد لإيجاد دور للجمعية التي سجلت في غازية السودان.
دور جمعية المرشدات :
منحنا مجلس بلدي أم درمان أرضاً واسعة غرب مبنى الإذاعة السودانية ، فشيدنا عليها دار مرشدات أم درمان بالعون الذاتي ، حيث أقمنا الأسواق الخيرية والمهرجانات ، وجمعنا التبرعات والهبات ، وحضرت الليدي بادن باول ووضعت الحجر الأساسي الذي لا زال موجوداً بها ، ولكن هذه الدار العتيقة اغتصبها الحكم العسكري الغابر وجعلها داراً للفنون الشعبية. كذلك بنينا دار مرشدات الخرطوم في تاريخ 17 بالخرطوم شرق ، حيث أصبحت الآن مكتب لرئاسة الحركة والاجتماعات ومقراً للتدريب ونزلاً لمرشدات السودان من الأقاليم والمرشدات من خارج السودان. ونواصل..
مدخل للخروج:
مَن بَعدك يرسم للأطفال دوائر نور في الجدران زهاء.. من بعدك يسقي البحر نضار الفرحة قطرة ماء.. من غيرك في احساس الظلم يسوق الضحكة للتعساء.. من غيرك يحمل هم صغار السوسن
في (الخرطوم) الأمل رجاء.. من يهب الضوء لـ (سان أنطونيو).. ويحول وجه الأرض سماء.. وبـ (بر دبي) الثكلى يبني تل الحلم بهاء.. ما بين (سوانزي) بين حدائق (كارديف) يأتلق الليل ضياء.. وفي (البحرين) سيبقى حزني موجاً للمد الراحل في الشريان دماء..
معز البحرين
عكس الريح
moizbakhiet@yahoo.com