زهير السراج

من التكفير إلى القطع وبالعكس

[ALIGN=CENTER]من التكفير إلى القطع وبالعكس!! [/ALIGN] * ليس من الحكمة ونحن نسعى لمعالجة مشاكلنا المعقدة مع العالم الخارجي أن تصدر تصريحات من كبار المسؤولين تزيد مشاكلنا تعقيداً وأوضاعنا سوءاً، إلا إذا كانوا يريدون لهذا البلد مصيراً مثل مصير العراق أو الصومال!!
* إذا كانوا هم يريدون ذلك، ولا يحبون هذا الوطن ولا يتمنون الخير لأهله فنحن لسنا كذلك، ولا نريد لوطننا أن يحيق به الخراب والدمار والمكر السيئ !!
* بعد ثوانٍ فقط من تصريح الرئيس عمر البشير عن قطع الايادي، انتشر الخبر كانتشار النار في الهشيم في كل إذاعات وصحف العالم حتى التي لا تهتم عادة بالشأن السوداني إلا في الأحداث الكبيرة جداً، ولفت أنظار العديدين، ورسخ في الأذهان صورة السودان والعالم العربي والاسلام التي تصطبغ بلون الدم والعنف والارهاب والفوضى، فما الداعي لكل ذلك؟!
* فوجئت أول أمس برسالة في بريدي الالكتروني من بروفيسور (روب فرانك) وهو طبيب استرالي متخصص في (البيوفورماتكس) أو استخدامات الكمبيوتر لمعالجة المشاكل الطبية والعلمية المعقدة، بالاضافة الى تخصصه الأصلي كأستاذ واختصاصي في طب الطوارئ وحاصل على العديد من الجوائز العالمية، تعرفت عليه في مؤتمر علمي بكندا قبل بضعة أشهر وتحدثنا طويلاً وأدخلت في رأسه فكرة زيارة السودان لإلقاء محاضرات، فأبدى موافقة مبدئية، ثم تبادلنا كروت العمل وفيها العناوين البريدية الالكترونية، وشرعت في إجراء اتصالات مع بعض الجامعات لتوجيه الدعوة له وكان كل شئ يسير على ما يرام، الى ان تفاجأت برسالته تلك التي يقول فيها إنه قرأ في صحيفة استرالية ذلك التصريح الغريب للرئيس البشير بقطع الأيادي مما جعله يقشعر ويتراجع عن موافقته المبدئية بالسفر الى السودان الذي يبدو – حسب تعبيره – يعاني من مشاكل كبيرة، ويحكمه رئيس دموي، ثم طلب مني تفسيراً في نهاية رسالته لما يحدث في الخرطوم وتلك التصريحات المرعبة التي غيرت تماماً الصورة الجميلة التي رسمتها له عن السودان البلد الأكثر أماناً في العالم – كما قلت له!!
* حرت في حقيقة الأمر وما زلت، بماذا سأرد عليه.. هل أعترف له أنني كذبت عليه عندما إلتقينا، أم أقول له إن الرئيس رجل طيب وهو لم يقصد ما قال وإنما هي فورة حماس في لقاء جماهيري، أم أقول له إن الأيادي التي ستقطع هي أيادي الذين يتجاوزون حدودهم فقط بالحديث عن بعض المشاكل اللوجستية التي تتطلب تأجيل الانتخابات، بينما ستكون أيادي الذين يسكتون في مأمن، أم ماذا أقول له بعد أن قال الرئيس كل شئ وسمع كل العالم ما قال؟!
* البعض يدمغ المعارضين بالكفر ويدعو لتعليقهم في المشانق، والترابي يبشرنا بحدوث طامة كبرى، والبشير يهدد بقطع الأيادي، فماذا بقي لنا لنقوله ؟!

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com

26 مارس 2010

تعليق واحد