الطاهر ساتي

كل الوسائل تؤدي إلى …الشمولية

[ALIGN=CENTER]كل الوسائل تؤدي إلى …الشمولية[/ALIGN] عندما يكتب حبيبنا حسن البطري زاوية أما حكاية ، فهذا يعني أن مزاجه يمر ب « حالة طوارئ » .. فالرجل لايخرج من رهق الإدارة إلي رحاب الكتابة إلا في حالتين فقط لاغيرهما ، إما يكون سعيدا بحدث ما أو يكون غاضبا على حدث ما.. ولهذا لم تدهشني زاوية البارحة ، حيث كتبها إما حزينا أو غاضبا ، فالبطري يتمتع بنبل يخفي غضبه ، ولذلك يخرج غضبه بطعم الحزن .. أو هكذا كتب معاتبا الأستاذ بابكر حنين لأنه سأل مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي لرئاسة الجمهورية ، حاتم السر، في برنامجه المتميز ، سؤالا فحواه : لماذا لم يتبرع مولانا الميرغني بمنزل العامرية لأهل السودان ، بحيث يكون مرفقا صحيا ..؟.. وهو المنزل الذي صادرته الحكومة في زمان الهوس وأهدته إلي إحدى منظماتها ، لتحوله تلك إلي مستوصف خاص ، وليس مستشفى لعامة الناس ..!!
** أستاذنا حنين يرى بأن تنازل مولانا الميرغني عن المنزل للناس والبلد ، بحيث يكون مرفقا صحيا عاما ، أفضل لمولانا وللناس والبلد ، من إعادته إلي ممتلكاته الخاصة ، ولهذا سأل حاتم السر : لماذا لا يتبرع به للشعب السوداني ..؟.. إجابة حاتم لم تكن مقنعة بحيث تحتفظ بها الذاكرة أو تستدعي التعليق عليها ، أي كانت إجابته محض « همهمة غير مفهومة » ، والبرنامج يكتسب قوته من مثل هذه الإجابة ، أي بمباغتة الضيف بأسئلة إجاباتها « همهمة » .. فلندع إجابة حاتم السر ، ونقف عند عتاب حسن البطري وحزنه .. سؤال حنين لم يعجب البطري ، فوصفه بالتعسفي ثم كتب مدافعا عن « عدم تبرع مولانا بمنزله للشعب السوداني » .. وعليه ، سؤال حنين لم يكن تعسفيا يا عزيزي البطري ، بقدرما كان مقترحا إنسانيا جميلا و برنامجا انتخابيا أجمل ، ثم حنين يعلم وكذلك كل أهل الأرض بأن تبرع مولانا بمنزل العامرية لن يفقره ولن يرغمه على البحث عن بيت إيجار يأويه ، ولذلك سأل حنين بحسن نية سؤالا مشروعا .. !!
** نعم السؤال مشروع ، وهناك سؤال أخر أهم ، وكان يجب أن يطرحه حنين لحاتم قبل ذاك السؤال ، وهو : من أين لمولانا بهذا المنزل الذي كان مصادرا ..؟.. بل من أين لمولانا كل هذه المنازل ، وكل هذه الحدائق ، وكل هذه الأفدنة ، وكل هذا الحطام المسمى ب « نعيم الدنيا » ..؟..أليس مشروعا للمسلم أن يسأل كل من يتولى أمره أو يسعي إلي ذلك ، أن يسأله : من أين لك هذا ..؟.. ولذلك ، كان يجب أن يكون السؤال فصيحا وصريحا ، لتعد ذاكرة الناس إلي تاريخ السودان غير البعيد ، وليست إلي صدر الإسلام .. فالمعلوم – في صدر الإسلام – أن آل البيت النبوي الشريف ، حين انتقل رسولنا صلى الله عليه وسلم إلي الرفيق الأعلى ، لم يرثوا منه غير درع ظل مرهونا عند يهودي .. أو هكذا الشفافية التي يجب أن تغرس في أرض بلادي ، وأحسب أنها ذات الشفافية التي يعشقها المرشح حاتم السر، وللأسف لم يجدها في تلك الحلقة ، حيث وجد تهذيب بابكرحنين الذي اكتفى ب : لماذا لم يتبرع مولانا بالمنزل ..؟.. سؤال مهذب جدا ، أي لم يكن سؤالا من شاكلة : لماذا لا يرجع مولانا بعض الحق لأهله ..؟.. علما بأن الحقيقة التي لم تعد خافية على أبصار و بصائر أهل بلدي هي : ليس هناك من أحد – حاكما كان أو معارضا – له فضل عليهم .. فالذي يزعم بأنه يتبرع لهم – حاكما كان أو معارضا – فانه لايتبرع لهم ، بل يعد إليهم حقوقهم .. و حقوق الناس لا تنتهك بوسيلة دبابات العساكر فقط ، بل هناك وسائل أخرى ، ومنها وسيلة « تغييب الوعي » .. وما لم تكافح كل تلك الوسائل التي تؤدي إلي الشمولية – بلا خيار وفقوس – فلن نصل إلي الغاية المرتجاة « وطن ديمقراطي و مواطن حر » … !!

اليكم ..الصحافة-العدد 5997
tahersati@hotmail.com

تعليق واحد

  1. كانت كتاباتك هادفة و تبحث عن الحق و تنتقد الخطا لكنى اراك مؤخراً صرت تبدى تعاطفاً مغلفاً مع الحكومة و حزبها و فروعهما و تفرعاتهما فهل حان وقت نزع الاقنعة ام هو شئ آخر ؟ بالله لا تفجعنا فيك