الطاهر ساتي

قبل ضحى التلويث .. روشتة

[ALIGN=CENTER]قبل ضحى التلويث .. روشتة [/ALIGN] ** معالجة الخطأ بالخطأ ، خطيئة .. أو هكذا شرعت وزارة الصحة ، منذ الخميس الفائت ، في معالجة قضية الأطباء المضربين عن العمل .. فالفصل ليس حلا ، ولهذا نصحت تلك الوزارة ، في زاوية أول البارحة ، بالبحث عن طريق ثالث يؤدي إلي حل الأزمة .. علما بأن هناك قضية عادلة تخص قبيلة الأطباء في ثنايا الأزمة ذات الروائح السياسية ، وبغض النظر عن تلك الروائح ، فان الوزارة لم تنف وجود القضية ، بل اعترفت بأن المطالب مشروعة ولكن ما باليد حيلة .. وبما أن الأمر كذلك ، كان على نهج الوزارة إحكام صوت العقل – بدلا عن الإمساك بسيف الفصل – في تلك القضية ، بحيث لايضار طبيب بسيف الفصل ولا يموت مريض بوطأة الإضراب .. بالحوار والمصداقية ، وليس بالتجاهل والخداع والتعسف ، تعالج مؤسسات الدول الواعية أزماتها وقضاياها ، ولكن مؤسسات هذا البلد الفريد من نوعه تعودت أن تعالج شرارة الأزمة بالتجاهل واللف والدوران حولها حتى تشتعل ، وحين تشتعل وتصبح لهبا ، تعالج إطفاء اللهب بقرار تعسفي من شاكلة الفصل ، فيصبح اللهب حريقا .. هكذا تسلسل أي حدث في بلادي ، وما يحدث لقضية الأطباء بمثابة جزء من الكل .. !!
** نعم ، كما قلت سابقا ، أخطأت الوزارة بتجاهل المطالب المقدمة من قبل بعض الأطباء منذ نصف عام تقريبا ، وهي المطالب ذات الصلة بالمتأخرات ، حيث تلكأت في سدادها و تجاهلت طلبات ونداءات ورجاءات أصحابها ، وما كان عليها أن تتلكأ وتتجاهل .. تحولت تلك الشرارة – بسبب التلكؤ والتجاهل – إلي مطالب أخرى ذات سقف عال ، ومن هنا كانت بداية « تأزيم الأزمة » .. ثم يأتي قرار الفصل هذا لصب المزيد من الزيت على النار .. قد تبرر الوزارة قرار الفصل الذي طال البعض – عددهم عشرة أطباء – بالمناقل وعطبرة ومدني ، بانه تنفيذ للتوجيه الرئاسي .. وهنا يصبح التبرير أقبح من فعل التنفيذ ، بحيث الرئاسة لم تتدخل في هذه القضية إلا بعد أن عجزت الوزارة عن حلها .. أي ، أن التوجيه الرئاسي – في مقام كهذا – بمثابة رد فعل لعجز الجهاز التنفيذي عن معالجة الأزمة أو تلكؤها في المعالجة .. بالعجز و التلكؤ صعدت الأزمة وتصاعدت ووصلت إلي حيث الرئاسة .. ولو كان العقل التنفيذي بالوزارة حكيما وصادقا مع الأطباء وإيجابيا تجاه مطالبهم ، لما وصل ملف المطالب – بكل تداعياته – إلي قمة الهرم السيادي للدولة .. فالوزارة هي الأقرب للأطباء وبؤس حالهم وللمشافي وكآبة معاملها ، وهي التي تعترف يوميا بأن هناك مطالب مشروعة بيد أن تحقيقها بحاجة إلي بعض الوقت وبعض المال ، أو هكذا لسان حال الوزارة .. ولهذا يجب ألا تتخذ ذاك التوجيه تبريرا لل« كي الجائر » ، بل عليها البحث عن الوسائل المناسبة التي تصنع «الحلول المناسبة » .. !!
** ثم ، ثمة أسئلة .. لماذا خصت الوزارة عشرة أطباء – فقط لا غيرهم – بقرار الفصل ، وكأن الكل عاد إلي مشفاه ، ما عدا « العشرة المخطرين بالفصل » ..؟.. لماذا هؤلاء فقط ، وكأنهم – وحدهم – الذين أضربوا في طول البلاد وعرضها ..؟.. وهل تم فصلهم وفق لوائح الخدمة المدنية – التي تلزم المرفق بتشكيل لجنة محاسبة للغائب عن العمل – قبل اتخاذ أي قرار ضده ، أم هو ذاك النوع من « الفصل الكيري » ..؟.. وأ ليس مدهشا ألا يشمل قرار الفصل أي اسم من أسماء المشاهير باللجنة المسماة ب « لجنة الإضراب » ..؟.. وكأن المراد بفصل هؤلاء العشرة غير المعروفين – إعلاميا – هو تطبيق نظرية « دق الزراف ، خلي الجمل يخاف » .. طبعا هي ليست دعوة لمد سيوف الفصل بحيث تطال كل المضربين ولجنتهم ، لا ما هكذا الدعوة ، بل هي دعوة لوزارة الصحة – وإدارات المستشفيات – بالتراجع عن قرار الفصل ، والتخلي عن تلك النظرية « الزراف والجمل » .. تلك نظرية بائدة ، ولم تعد تشبه المناخ الذي تترقبه البلاد والعباد .. أي ، بصراحة كدة : الفصل السياسي يلوث المناخ المرتقب .. ووزارة الصحة لن تستبين فحوى تلك الصراحة ، إلا ..« ضحى التلويث » .. .!!

اليكم ..الصحافة-العدد 5994
tahersati@hotmail.com

تعليق واحد