مطيرة واحدة أحالت الخرطوم لبحيرة عظمى من الطمي
رفع كثيرون أكفهم للسماء مـُتضرعين لله ان يمن عليهم بالمطر ، لأن الصيف الخرطومي الطويل لا يـُطاق ولا يـُحتمل ، لكن أمطار أمس الأول والتي هطلت بغزارة جعلتهم يغيرون وضع الايدي من حالة الرفع ليضعونها على القلوب خشية من إنهيار المنازل الفقيرة على الرؤوس . هطلت الامطار بغزارة واستمر نثيثها لساعات طوال ما كشف ضعف الاستعدادت للخريف رغم ان المسؤولين ظلوا يرددون قبيل كل خريف اكتمالها لتكشفها اول المطرات وتتحول الاحياء بما فيها ( الراقية ) الي بحيرات من برك المياه . وحولت الاسفلت والارصفة الي مساحات من اللزوجة والطين واضحى وسط المدينة نموذجاً مثالياً للتردي البيئي وبؤرة لتناسل الناموس وفاحت الروائح النتنة التي كانت تسترها اشعة الشمس الحارقة وسرعان ما تبدد الحلم بطقس رائع وصار الوصول الي امكان العمل والمدراس والجامعات يستنفذ الطاقة القليلة المـُدخرة للمواطنين ( المغضوب ) عليهم بعد ان تحول الصراط المفضي لامكنة العمل من مستقيم الي ملتو ومتعرج ومغلق احياناً ،مواقف الحافلات وميدان جاكسون واستاد الخرطوم بدأ كأنما هي بحيرات من طمي ، تتعزز اطارات الحافلة في الوحل فتئن انيناً متقطعاً ثم تنعتق غاصبة فترسل اطناناً من سائل الطمي الثقيل المخلوط باشياء اخرى الي وجوه واجساد المارة العابرين ينظرون الي ثيابهم فيفكرون في اجازة ( مطرية ) علق احدهم لا احد يستطيع منع الامطار لذا من الانسب ان يضعوا خططا تجعل الناس يتمنونها لكن هذه الصورة الماثلة تجعلك تذرف الدمع متى ما رايت غيوما تجوب السماء
صحيفة حكايات