تحقيقات وتقارير
مسلمو الجنوب .. كيف الحال؟!!
وبحسب تقارير وإفادات قادمة صوب الشمال مع مياه النيل الأبيض، فإن المسلمين وعلى عكس مسيحيي الشمال ممن يملكون مفوضية خاصة لمتابعة شؤونهم؛ يعانون من مشكلات كبيرة نتيجة أيلولة الإقليم بكامله للحركة الشعبية، فينظر إليهم كبقايا لطلائع سرايا الجهاد التي أنتظمت الانقاذ في سنيها الأولى، ويضيق عليهم في أداء شعائرهم أو المجاهرة بها (أنباء عن منع الآذان في عدة ولايات جنوبية)، ويحال بينهم وتقلد المناصب العليا، وبرزت ثالثة الاثافي أخيراً بنزع جزء من مؤسساتهم وممتلكاتهم بداعي التخطيط وهيكلة المدن.
في المقابل فإن حكومة الجنوب تنفي أحالتها المسلمين للجزء الضيق من الطريق، وتدلل على ذلك بالتعهدات التي أطلقها الفريق سلفا كير ميارديت أمام مؤتمر مسلمي الجنوب (مارس 2010م) بضمانة حريتهم الدينية وكفالة حقوقهم كافة وذلك حرصاً على التعايش السلمي بين الأديان.
تعهد سلفا كير وبتحويله الى قيمة سياسية، نجده يصب في مساعي الدولة الوليدة للملمة أطرافها وتثبيت دعائم الأمن فيها. فالجنوب الذي تسوده الروحانية واللا دينية غير محتاج مطلقاً لفتنة دينية بين طوائفه لتنضاف الى تمردات منشقي الجيش الشعبي، ومشكلات جيش الرب، وتفشي النزاعات القبلية. ظروف وحال أجتمعت سوية يمكنها أن تؤدي لإفشال الدولة الجديدة قبل -حتى- أن تشب عن الطوق.
وبالتالي، لم يكن مستغرباً مسارعة سلطات مقاطعة الرنك نفي ما اشيع عن منعها المسلمين الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. حيث وصف دينق قوج النائب عن دائرة الرنك ما أشيع بـ(المدسوس) وذهب لأكثر من ذلك بتأكيده لـ(الرأي العام) أمس الأول دعم سلطات الولاية للاحتفالية بصورة راتبة بل والمشاركة في فعالياتها بأعتبار أن غالبية سكان الولاية مسلمون.
وفي سعيها لمعرفة رأي مسلمي الجنوب أصطدمت (الرأي العام) بجدار صلب. فها هو علي تميم فرتاك القيادي في المؤتمر الوطني يرفض الأجابة على استفسارات الصحيفة بعد أن أستمع اليها باصغاء كبير بحجية أنه مشغول ومتحرك، فيما الموضوع متشعب وبحاجة لترتيبات مسبقة! فيما رفض مسؤول في هيئة مسلمي الجنوب التحدث كلية رغم المشاق التي تكبدتها الصحيفة في الوصول اليه كما رفض اخوة له الحديث -هم الآخرون- بدعوى عدم التخصص!!
(الرأي العام) أتصلت بدكتور خالد حسن بشير استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين لتعرف تبريره لحالة عدم الكلام التي عمت مسلمي الجنوب ممن أتصلت بهم الصحيفة. د. خالد علق عدم الحديث على مشجب الخوف ووصف ذلك بـ (الطبيعي) وقال: أن أي شىء يربط الجنوبيين بالشمال -بما في ذلك الاسلام- هو محل شك كبير وأضاف: الجنوبي المسلم يخاف أن يساء فهم أسلامه باعتباره نوعاً من عمليات الارتباط بالشمال.
في الضفة الثانية للنهر، يربت أقوك ماكور القيادي في صفوف الحركة الشعبية على أكتاف المسلمين مطمئناً بالقول لـ (الرأي العام): الأسرة الجنوبية الواحدة يخرج منها المسلم والمسيحي والروحاني من دون أن يؤثر ذلك على علاقاتهم أو عاداتهم وتقاليدهم.
تطمينات رفدها ماكور بأخرى عن مساعي دولة الجنوب لإقامة دستور قومي يسع الجميع بلا فرز أو أستثناء. ودعا ماكور في نهاية حديثه الى عدم الانجرار وراء الشائعات التي تبثها جهات ترمي لخلق فتنة دينية في الجنوب الذي شدد بخلو سجلاته من مشكلات ذات طابع ديني.
بيد أن د. خالد حسن بشير يرى مستقبل مسلمي الجنوب غاية في التعقيد، فمع أعترافه بحقهم في أختيار الانفصال أحقاقاً لمطالب تنمية وأخرى ذاتية وتنظيرات الحركة الشعبية بأقامة دولة علمانية ديمقراطية للجميع؛ يتوقع استاذ العلوم السياسية في النيلين أن يجد مسلمو الجنوب صعوبة في التعايش في الدولة الوليدة لعلو الدين المسيحي فضلاً أن الاسلام في الجنوب مرتبط بالشمال الذي يمثل -هناك- رمزية للاستعمار.
على كلٍ، ستؤول أوضاع مسلمي الجنوب كلية لمدى تعاطي دستور الدولة الوليدة وحقوقهم الدينية. ليس فقط الدستور ولكن -أيضاً- إنزال بنوده الى أرض الواقع أو أرض الجنوب.
صحيفة الرأي العام