شكوك تعيد المتظاهرين لميدان التحرير
بعد أن اطمأنت قوات الجيش الموجودة بميدان التحرير وسط القاهرة إلى إخلائه من المعتصمين إلا قليلا في الصباح الباكر من اليوم الأحد، وبدأ استئناف حركة المرور في جميع الاتجاهات، تدفق مئات المتظاهرين الذين عادوا لاحتلال الجزيرة الوسطى من الميدان، ثم بدأ يزيد عددهم شيئا فشيئا.
وقد جاؤوا بعد أن وصلتهم رسائل بالهواتف النقالة وشبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، تخبرهم أنهم تعرضوا لمحاولات إقصائهم عُنوة من الميدان، مما جعل أقاربهم والمتعاطفين معهم والمطالبين بجدول زمني محدد لتنفيذ مطالب الثورة الشعبية يُهرعون لنجدتهم، ويجددون من جديد فتح ملفات المعتقلين والطوارئ وغياب جدول إصلاحي زمني رغم إقصاء حسني مبارك عن السلطة.
إنه الهاجس الذي بدأ يتسرب إلى نفس كل مصري من سرقة الثورة، وهي الهواجس التي غذاها إعادة تكليف حكومة أحمد شفيق كحكومة تسيير أعمال، وما نقل عنها من تصريح بأن أولويتها الأولى هي استعادة الأمن وإصرارها على بقاء بعض الوجوه غير الجماهيرية فيها دون تقديم شيء يُذكر لأهالي المعتقلين أو المتوجسين خيفة من قانون الطوارئ.
متظاهر يحدد مطالب المعتصمين حاليا في لافته (الجزيرة نت)
مطالب
أحمد طبق استشهد له ابن يوم اعتداء قوات الشرطة على المتظاهرين يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي، وأصيب ابن ثان له في عينه لدى “عدوان البلطجية” على الميدان يوم الأربعاء الثاني من فبراير/شباط الجاري، وهو ما جعله -كما قال- على قناعة بضرورة الاستمرار في الحضور بالميدان لضمان حقوق أبنائه.
“تحقق هدف واحد للثورة هو تنحية مبارك عن الحكم، ولكنْ هناك رؤوس أخرى كثيرة تحتاج إلى إقصائها”، هكذا قال محمد محمد المصري للجزيرة نت، مشيرا إلى أنه يتم حاليا إجهاض الثورة من خلال امتصاص حماسة الناس وغضبهم بفعل الوقت.
ويؤكد عادل الجندي أنه ليست لديه مشكلة شخصية، لكنه لن يترك الاعتصام بالميدان تحت أي بند كان، واصفا ما يحدث حاليا من تولي المجلس العسكري سدة الحكم بأنه انقلاب على الثورة، وأنه لا بد من عمل جمعية تأسيسية فورا لوضع دستور جديد للبلاد، وتشكيل مجلس رئاسي لاختيار حكومة من التكنوقراط والإفراج عن معتقلي الرأي.
ويرفض ناصر محمد التمديد لحكومة شفيق مطالبا بجدول زمني تلتزم به هذه الحكومة، وأن يكون عملها لفترة وجيزة (شهر أو اثنين أو ثلاثة)، خاصة أنها تضم وجوها للنظام السابق كما أن الحزب الوطني الحاكم السابق يحاول العودة للحكم من خلال ذيوله وفلوله، على حد قوله.
ويقول محمود سمير “الجيش يمثل مصدر ثقة كبيرة للمواطنين”، ويستدرك قائلا “لكننا نتحسب للتدخل الغربي وتأثيره على القرارات السياسية”. ويتساءل “لماذا لا يتم إلغاء حالة الطوارئ، ولماذا لا يتم إلغاء المحاكم العسكرية للفصل بين القيادتين العسكرية والمدنية لدى المحاكمة؟”.
الناشط السياسي المهندس حمدي الفخراني الذي يوجد بين المتظاهرين، أكد للجزيرة نت “على أهمية الحضور الرمزي الشعبي في ميدان التحرير ليظل المجلس العسكري على علم بمطالب الجماهير ويقينها بأن النظام لم يسقط حتى الآن”.
قضية الشهداء ما زالت تمثل احتقانا للمصريين (الجزيرة نت)
الحضور الرمزي
ويشير إلى أن الشرعية الدستورية قد سقطت بتنحي رئيس البلاد وتولي المجلس العسكري إدارة دفة الأمور في الحكم، وأنه نشأت الآن شرعية جديدة هي الشرعية الشعبية التي تتطلب إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء حالة الطوارئ، وفق تعبيره.
ويضيف “المطلوب الآن وفورا إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإلغاء حالة الطوارئ وإلغاء جهاز أمن الدولة، وتشكيل مجلس رئاسي يحل محل المجلس العسكري لحكم البلاد”.
وبينما يبدي تمسكه الشديد بالحضور الرمزي في الميدان، قام تابعون للحزب الوطني الحاكم السابق بتسيير مئات التابعين لهم إلى ميدان التحرير للهتاف “الشعب يريد إخلاء الميدان”.
وعمد هؤلاء إلى مضايقة المعتصمين في ظل جود عناصر أمن تابعة للشرطة بلباس مدني، حتى إنهم طاردوا الصحفيين والمصورين في محاولة لمنعهم من عملهم، وما زالت أعداد المؤيدين للمعتصمين تتزايد والموقف مفتوح على جميع الاحتمالات.
الجزيرة نت