منوعات

أمير قبيلة المجانين إلى رحة الله

غيب الموت صباح الثلاثاء 28/12/2010 في مدينة الدوحة بقطر واحداً من عظماء الرجال و حكمائهم الذين شهد لهم الجميع بالفضل و العلم و الصلاح، واحداً من الذين عرفتهم مجالس العلم والقرآن قبل مجالس الحكم و الصلح، ذلكم هو الأمير الحاج جابر جمعة سهل أمير قبيلة المجانين بشمال كردفان. فقد توفي شيخنا و حبيبنا الحاج جابر بعد علة لم تمهله طويلاً حيث داهمته المنية بعيداً عن موطنه المزروب التي ولد فيها في عام 1937 و نشأ في كنف والده الشيخ جابر جمعة سهل و برعاية شخصية من حكيم العرب جمعة ود سهل ذلكم الرجل صاحب السيرة العطرة التي ما زال الناس يتحدثون عنها وينهلون من عذب ذكراها. درس المغفور له الحاج جابر بمدرسة خور جادين الأولية بعد أن حفظ القرآن بمسيد الشيخ محمد صالح كدام في أم حصحاص بديار المجانين في عام 1958؛ ثم ألتحق بالمعهد العلمي في بارا و تتلمذ على يد المشايخ الذين كان على رأسهم فضيلة مولانا الخضر محمد وقيع الله حيث تلقى الحاج جابر قدراً كبيراً من علوم الشريعة الإسلامية و اللغة العربية و تفتح ذهنه على معارف كثيرة من خلال مجالسة العلماء و حضور حلقات الذكر و العلم. عاد الحاج جابر من بعد ذلك إلى المزروب ليكون الذراع الأيمن لأبيه الراحل جابر جمعة و سهل و ظل يعاونه في شئون القبيلة حتى وفاته و تولي الشيخ الحبيب جمعه سهل رئاسة القبيلة من بعده. وقد أتاح ذلك للأمير الراحل الحاج جابر جمعة سهل فرصة كبيرة للإلمام بعمل الإدارة الأهلية و تسيير دفة الحكم مما أهله لتولي ذلك المنصب في العام 1991. و جدير بالذكر أن للشيخ الحاج سبعة من البنين من بينهم خمسة من حفظة كتب الله كما أن ابنته فاطمة هي عميدة خلوة القرآن التي أنشأها جدها في عام 1917. لقد عرف الراحل بسعة صدره و جلده و حنكته وقدرته الفائقة على حل المشاكل و رعايته لأبناء القبيلة في كافة المحافل و المناسبات. كما أن أسرة جمعة ود سهل هي واحدة من البيوت المعروفة في شمال كردفان و قد نبغ منها رجال كثيرون من أبرزهم بعد الشيخ جمعة ود سهل، الرجل الحافظ و الشيخ العلامة مشاور جمعة سهل البرلماني الذي ثنى استقلال السودان في عام 1955 عندما كان نائباً عن المنطقة في تلك الفترة الهامة من تأريخ السودان؛ و منهم أيضاً الحافظ جمعة سهل ذلكم الشاعر الفحل ورئيس إتحاد معهد المعلمين سابقاً رحمه الله تعالى. و ينتسب لذات الأسرة الأديب بشير سهل الذي كان يشغل منصب وزير التربية في ولاية القضارف. و طبعاً الشيخ الحبيب جمعة سهل رجل غني عن التعريف فبالإضافة إلى كونه شيخ القبيلة فهو برلماني لامع و شاعر و أديب.
الراحل الحاج جابر جمعة سهل كان مرجعاً في كثير من الأمور ناهيك عن إلمامه الواسع بشمال كردفان و أهلها و تأريخها و شعرها الشعبي و أنسابها . فقد كان على صلة واسعة بشيوخ القبائل و يبادلهم المشورة في كل ما يتعلق بالمنطقة و استقرارها. كان رجلاً سمحاً كريماً و متواضعاً و قد التقيت به أكثر من مره و زاد إعجابي عندما زارنا في الرياض قبل سنتين حيث كان يسأل عن كل شخص عرفه في صباه و هو صاحب ذاكرة قوية جداً و يحفظ للناس منازلهم وقدرهم و كان رحمه الله خطيباً فصيحاً بليغاً فقدنا بموته واحداً من الذين تقضى حاجات الناس على أيديهم؛ كما كان يعين الناس على نوائب الدهر و يعتني بكل من وصله من أصحاب القضايا و قد شارك الحاج في كثير من مجالس الصلح القبلية التي كنا له فيها دور بارز وفعال نظراً لحكمته و خبرته الواسعة في معالجة الأمور.
و نحن إذ ننعى الأمير الحاج جابر جمعة سهل إنما ننعى الحزم و العزم و المروءة و الكرم فقد كان عليه الرحمة يجسد كل هذه القيم و المعاني.
رحل فارس القبيلة البركز الصف
رحل مقنع الشيخات بشينة ما توصف
رحل سيد الفرس و الكرسي و المصحف
رحل قبلة الضيفان الديمة باسط الكف
و نتقدم بالعزاء للأسرة الكريمة و لكافة إخوتنا من قبيلة المجانين في السودان و خارجه و ننوه بأن رابطة أبناء المزروب بالرياض سوف تقيم سرادق عزاء في عصر يوم الجمعة القادم 31/12/2010 و سوف نوافيكم بموقع العزاء لاحقاً. للتواصل و تقديم العزاء يمكن الاتصال بالأستاذ /محمد سليمان الناعم رئيس الرابطة على الرقم: 0542265286
وآخر دعوانا اللهم أرحم الحاج جابر جمعة سهل فقد حل يا رب ضيفاً عليك و أنت يا ربي تكرم ضيفك فأكرم نزله ووسع مدخله و أغسله بالماء و الثلج و البرد ونقه من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس و أجعل قبره روضة من رياض الجنة و ألحقه بالرفيق الأعلى مع النبيين و الصديقين و الشهداء و حسن أولئك رفيقاً و أجعل البركة في ذريته و إنا لله و إنا إليه راجعون

والحمد لله رب العالمين و صلاتنا وسلامنا على الحبيب المصطفى و آله و صحبه أجمعين.

{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} -صدق الله العظيم.

الرياض : محمد التيجانى عمر قش