فدوى موسى

عشمان الله ما ندمان

[ALIGN=CENTER]عشمان الله ما ندمان [/ALIGN] حبوبة (زينب) امرأة حنينة.. لا تخرج من شفتيها كلمة مرة.. كل الأمور عندها خير ولسان حالها يلهج مترعاً (خليها على الله).. و (مالك يا وليدي شايل هموم الدنيا في رأسك).. (ويا بنيتي الله في).. وكلما أظلمت الأحداث في الوجه كانت الملاذ والمرفأ لأحفادها.. و(عبدو) الشاب المتطلع للسفر والدنيا والغربة.. كلما جلس إليها وتبادل معها القفشات ونادى عليها (أها يا حبة.. وين يا من الأمس).. كانت تضحك عن آخر ما تبقى من اضراس وتنادي عليه (عبدو الممسوخ المطرطش)، ويدور بينهما دائماً حوار ضاحك لذيذ، وينتهي بقولها (يا وليدي عشمانة الله يهديك ويقعدك في البلد دي ويخليك فوق الكل..)، فيرد عليها (بالله يا حبوبة ممكن دا يحصل كده ببساطة.. في البلد دي ناس معينين هم البيقدرو على لتّها وعجنها).. (يا وليدي عشمان الله ما ندمان).. وتجري الأيام ويسافر (عبدو) و (يتخوجن.. ويتزوج الخواجية).. التي تحلم بزيارة بلاد زوجها ورؤية أهله ومعرفة البيئة التي ترعرع فيها (عبدو).. وتتمنى أن ترى (حبوبته) التي دائماً ما يحكي عنها بشغف زائد.. ولكن جاءها في ذلك اليوم وعيناه محمرتان ودموعه تتقطر.. ليبكي كما يبكي الأطفال فقد جاءه الخبر الحزين رحيل (حبوبة زينب)، ورنين كلماتها يزاور خاطره وسمعه (الممسوخ.. يا وليدي.. يا جناي..)، وتسري في بدنه رغبة قوية (للردحي) والعويل في البلد وسط الأهل والأصحاب.. ولم تكن (الخواجية) لتشعر بعمق حزنه لو لا معرفتها المسبقة من كلامه عن الراحلة المبكي عليها وهي تجاوزت عتي العمر.. ولم يكن حزنه بالشيء البسيط، فرغم تطلعاته إلاّ أن حبوبته كانت الكلمة الحنينة في البلد التي لا تزال ترن في أذنه، رغم زخم بلاد الغربة ومغرياتها المثيرة.

آخر الكلام: … (عبدو) يعود للبلد بعد زمن مقدر ورغم أن أولاده (يرطنون) إلاّ أن كلامه بعد عشرة الخواجية من شاكلة (يا وليدي.. وعشمان من الله.. وخليها على الله).

سياج – آخر لحظة – 1233
fadwamusa8@hotmail.com