تحقيقات وتقارير

سف وقارن وأخواتها في الطريق للإنقراض .. (التمباك) .. حملات تنظيم

حملة مضرية (نسبة لقبيلة مضر) قادها د. عبد الملك البرير معتمد الخرطوم في آخر أجتماعاته على (التمباك)، وأصدر بموجبها جملة من التوجيهات القاضية بمنع التصديقات الجديدة للراغبين في قطع تذكرة لسوح بيع (الفرح المعبأ في الأكياس) حسب متعاطيه، وأزالة أية عبارات ترويجية، مع أستبدالها بأخرى تحذيرية من شاكلة (التمباك ضار بالصحة).
وتنطلق الولاية في حملتها من منطلق مكافحة الاضرار الناجمة عن التمباك، تحديداً الجانب الصحي، الذي هو في أحسن ترجماته (مكافحة مسببات السرطان)، ولمحاذير عديدة أمسك عن الاسباب الأخرى لعدم رغبتي في تكبد خسائر فادحة من ضمنها أدراجي بخانة (معاداة التمبكجية) الأمر الذي سيكون له أثر بالغ في الأضرار بسمعتي الصحفية وتقليل قرائي (إن وجدوا) لمستوى غير مسبوق.
ثقافة تعاطي التمباك ورسوخ سوقها في المجتمع، يقول – للأسف الشديد- بصعوبة خلق تأثيراً حقيقياً لقرارات النخب والصفوة على شعب ديدنه الـ (ولف) ودونكم محاولات أعطاء الشوارع أسماء ذات طابع أسلامي خلال التسعينيات. وبالعودة الى مسألة التمباك دعوني أنقل لكم بداية تجربة سوداني مقيم في مكة المكرمة ويقول – بملء فيه- أنه لأيابه كثيراً لأمكانية ترحيله عن الأراضى المقدسة (ذاتها) حال تم القبض عليه متلبساً بتعاطي التمباك الذي تصنفه المملكة كمادة مخدرة (مش مسرطنة)، ويقول بلهجة قاطعة (الكيف غلاب) ولتقس على هذا قارئي الكريم.
ومن المملكة السعودية، ندلف لثنايا النكتة الشهيرة التي تشرّعن لتعاطي التمباك وتحكي عن شاب سأل أحد الشيوخ بجدية شديدة حول ما أذا كانت هناك شبهة في تعاطي التمباك؟ فما كان من الشيخ – حسب النكتة- الا أن ضحك (حتى سقطت السفة من فمه)!! والنكتة على سواءاتها تعكس باع المجتمع في أضفاء المشروعية إلى التمباك. مشروعية دينية لا تكتفي بأطلاق النكتة كتعبير عن الواقع، وتستتبعها بمقولات مستندة إلى عدم استصدار فتوى واضحة تحرم التمباك، وتضعه على أسوأ الفروض بخانة (المتشابه المشتبه على العلماء) وهذا براح كبير يتحرك فيه الناس بحرية وأيديهم محملة بأكياس التمباك وأفواههم تعلك عبارة (سف وأتمبك، وأدي الجنبك، وربنا بيغفر ذنبك)!!
ومتعاطيّ التمباك وعلى طريقة الحركة الكشفية (مستعدين) لأية أسئلة مهما كانت مباغتتها: التمباك بيسبب السرطان؟ والرد: جدي بيسف لمان مات ما جاتو الحبة، ويردف ذلك بالقول: ما في زول بيموت قبال يومه. التمباك دة بيهلك قروشك؟ والرد: هي دي قروش ويتبعها بعبارة: مش أحسن من السجاير .. بقت على التمباك؟ ويقرأ لك أبيات لمحمد حسن سالم حميد: أشمعنا نحنا وليش؟ .. ما يقبضوا البعوض .. ما يقبضوا الناموس الما بيدور فتيش. التمباك ما حضاري؟ والأجابة: السفة دي تختها في ركن قصي وبأتيكيت شديد، وجوة منديل وتتخلص منها داخل (باسكيت). وهكذا لكل حجة مقابلها، الـتقول الجماعة (معتزلة).
وبناء على التوجيه الأخير، فأنه من المقرر أزالة عبارات لطالما علقت بلافتات محال التمباك (السلعة القومية)، وأكياسه، وذاكرة شعب تفنن في الدعاية لبضائعه. أشهر العبارات أطلاقاً (لو ما فاطر ما تخاطر) وهو تحذير شديد اللهجة من مغبة التمباك النووي عالي التخصيب والذي يستوجب درءه أستعداداً مكثفاً (موية فول ما معانا)، (سف وقارن) وهذه لا يمكن تفسيرها الا بيانا بالعمل، (الناس شركاء في الماء والهواء .. والتمباك) وهذا شيوع ما بعده شيوع!! (مباشرة من مزارعنا بدارفور) ما يبين عظمة زراع التمباك ممن لا يأبهون للحرب وويلاتها أرضاء لأدمغتنا، هذا غير عبارات التفضيل نحو (الأصلي والممتاز والجيد) وهي صفات لن تجد من بينها ولو بالغلط ساكت (حسن).
ولأمساك العصا من منتصفها، لن ننتقد قرار المعتمد (ولا ينبغي لنا)، ولكن المسألة أكبر بكثير من أصدار الفرمانات، أنها (أرزاق ناس)، وثقافة متجذرة وتسري مسرى الدم لتلافيف المخ ما يعني حاجتنا الماسة لمنهاج مدرسي يحول ودون دخول أفراد جدد لمنظومة التمباك عوضاً عن عنت أخراج منضوين لها، ونختم قولنا للسيد المعتمد بالمثل الذائع (الجفلن خلهن .. أقرع الواقفات).

مقداد خالد
الراي العام

‫2 تعليقات

  1. بالله عليكم أيهما الأكثر ضرراً التمباك أم السجائر ؟ اللبيب بالإشارة يفهم