زهير السراج

ورا.. ورا.. ورااا

[ALIGN=CENTER]ورا .. ورا .. ورااا .. !! [/ALIGN] * من الطبيعى أن ينهار الفرد بانهيار المجتمع والعكس صحيح، وبلدنا خير مثال لهذا الانهيار الشامل، ولو نظر كل منا الى نفسه فقط، دعك من الآخرين، لتأكد من هذه الحقيقة المرة (بالطبع الا القلة التى تسيطرعلى كل شئ)، فهى مستثناة من هذه القاعدة، ولكل قاعدة شواذ، كما يقولون !!
* صار كل شئ.. (ورا).. ولم يعد هنالك أى (قدام).. عكس الشعار الشهير الذى لاكته الألسن حتى سهكته وانقلب الى النقيض تأكيدا للقاعدة الذهبية.. (أى شئ زاد عن حده إنقلب الى ضده)، وهكذا كان من الطبيعى أن ينقلب شعار.. (ورا مأمن، ارمى لى قدام) الى ضده، فصار كل شئ.. (ورا.. ورا.. ورااا) وصار (الورا) مؤمن تماما فى بلادنا، بل أصبح سيد الموقف فى كل شئ، وضاع الحاضر والمستقبل!!
* وكما تلاحظون سيادتكم فإن (الورا) الأخيرة ممدودة.. تأكيدا لـ(ورانية) هذا الزمن كما (تنهق) المغنية، عفوا كما (تشدو) المغنية.. (لتطلع قريبة حد فيكم ونروح كلنا فى داهية) كما قال أمير الشعراء عادل إمام !!
* وتزامن (الورا) مع (الورم)، فصارت الأغلبية الكادحة (وارمة وراجعة حركة ورا) بخطوات سريعة، ومن عجب أن المغنية المحترمة عندما شدت بهذه الأغنية المحترمة التى حلت محل أغنيات الماضى (الهايفة) التى تغنى بها كبار المطربين، لم تتخيل ان (الورا) الذى تغنت له وبه سيشبه تماما (الورا) الذى يعيشه الناس، ووجه الشبه هو (الورم) !!
* ليس ذلك فقط، بل أصبح هذا (الورا) أو (الورم) المبارك شعار المرحلة الممتدة منذ عشرين عاما ولا تلوح لها فى الأفق نهاية إلا إذا حدثت معجزة، وليس هذا زمان المعجزات وانما زمان العجز المتضخم – ولكم حرية اختيار المعنى !!
* نظرت الى نفسى – من باب (جحا أولى بلحم توره) الذى صار أحد شعارات هذه المرحلة أيضا، فاكتشفت أننى تدهورت بشكل كبير وعدت الى الوراء خمسين سنة ضوئية وليس فقط خمسين سنة هى سنوات عمرى، فعندما كنت طالبا فى الثانوى كنت أقرض الشعر الفصيح المقفى الموزون لدرجة أن استاذى الشاعر الكبير الراحل (محى الدين فارس) الذى كان مدرسى فى اللغة العربية بالمدرسة الأهلية بام درمان تنبأ لى بأن أصبح أحد شعراء المستقبل الأماجد، وقد أعجب جدا بإحدى قصائدى التي أتغزل فيها بنهر النيل فأخذها مني وأرسلها الى مسابقة الشعراء الشباب العرب بالقاهرة وفازت بالمرتبة الثانية وفى بعض أبياتها أقول :
ما أبهى النيل وأروعه.. الغسق تنفس والورد
أمواج تقبل أمواجا .. وصخور ذوبها الوجد
أمواج تصرع أمواجا.. وأخيرا يصرعها السد
وأخرى نائمة تبدو.. وعباب أزعجه الصد
إلى أن أقول :
فى الشاطئ بالبر الآخر.. أشجار نبتت والورد
يأتيها النسم يهامسها .. فيميس الخنصر والقد
الريح يغازلها جهرا.. تأبى فيهيج ويشتد
والبرد يعابثها غمزا… تزوى فيزيد ويحتد
يأتيها النسم يعزيها.. رأفا يا ريح ويا برد
وهكذا !!
* وعندما دخلت الى الجامعة وتلوثت بالسياسة، فقدت ملكة قرض الشعر الفصيح وصرت من شعراء الحلمنيش مثل:
فى ليلة صيفية شديدة السخانة.. تواعد الاثنان على اللقاء فى السلخانة !!
الى آخر القصيدة !!
* وبعد الجامعة عندما غصت أكثر فى السياسة، فقدت حتى هذه الملكة وتحولت الى كتابة الاستراحة الساخرة وهى نوع صعب من الكتابة يحتاج الى مقدرات خاصة ولكنها بالطبع أقل درجة من قرض الشعر!!
* واستمر التدهور الى أن وصلت الى مرحلة كتابة العمود الصحفى الذى لا يحتاج الى كثير عناء لدرجة أن البعض ممن يكتب فى صحف اليوم بدأ حياته المهنية بكتابة العمود الصحفى وهو ما يدل على تفاهة هذا النوع من الكتابة !!
* وليت التدهور وقف عند هذا الحد ولكنه استمر حتى صرت معجبا بأغنية.. (ورا.. ورا.. ورااا) ومن المروجين لها واضاعة زمن القراء فى قراءة هذه المادة الغثة عنها، وأرجو منكم الصفح والعفو على هذا الجرم، فلست سوى إبن بيئتي، الذي يفتخر بها ويشدو مع مغنيتها ويشيل معها.. (ورا.. ورا… ورااا) !!
* وهكذا صار (الورا) شعارا لحياتي.. وأظنه كذلك بالنسبة لكم.. (ورا.. ورا… ورااا) !!

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com

8 يناير 2010

‫3 تعليقات

  1. أشك أن الاستاذ محي الدين فارس أشاد بما سميته قصيدة :confused: :confused: لا وكمان فازت بالمركز الثاني (وصيف يعني):cool: 😎 لماذا الشهود الذسن اشادوا بشاعريتك دائما أموات مثل محي الدين فارس ومحمد عبد الحي وعبد الله الطيب وربما شوقي وحافظ 😎 😎 😎 كويس إنك ما لاقيت المتنبي 😎 😎 😎 😎

  2. والله إنت بالجد جد ورا ورااااا ;( ;( ;( ولكن يمكن أن تقلب حالك وتعكس السير وتبقى قدااام 😎 😎 لكن ما بتدى حريف:cool: 😎