زهير السراج
في انتظار المعجزة
* غير أننى أتفق مع الأخ قاسم في أننى لم أتناول بالكتابة تقرير لجنة الحكماء، ليس تجاهلا منى لقضية دارفور أو مأساة أهلها الممتدة التى تؤرق كل صاحب ضمير حي وتتطلب المعالجة الانسانية والسياسية والقانونية العادلة، ولكن لقناعتي الشخصية ان أوراق القضية للأسف الشديد قد خرجت من أيدينا (على الأقل الى أن يثبت العكس)، وصارت رهنا لقرارات تتخذ في الخارج، كما أنها صارت سلعة للمتاجرة وتحقيق المكاسب سواء بالنسبة للمجتمع الدولى أو بالنسبة لنا في السودان .. فالمجتمع الدولي والحركات الدارفورية المسلحة يريدان الحصول على مكاسب من الحكومة السودانية على حساب أهل دارفور ومأساتهم، والحكومة السودانية، أو بالأحرى المؤتمر الوطني الحاكم يتشدد في تقديم التنازلات واللعب بورقة الزمن وممارسة اللعبة الذي يجيدها بشق الخصوم حتى يقلل خسائره الى أقل درجة، وبين هؤلاء وأولئك يظل أهل دارفور بل كل أهل السودان ومصير السودان الضحية الاولى !!
* قلت أكثر من مرة، قبل أن يتسع تدويل الأزمة ويحشر القريب والبعيد أنفه فيها، ان الأطراف المختلفة عليها ان تفهم ان الوصول الى اتفاق بدون تقديم تنازلات أمر مستحيل، هكذا علمتنا كل التجارب الانسانية أو معظمها، ولكن للأسف ظل ذلك حلما بعيد المنال وظل كل طرف يراوغ حتى وصلت الأزمة الى ما وصلت اليه من قرارات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ومحكمة دولية ومحاكم مختلطة .. إلخ، ولا يعرف أحد ماذا ماذا يخبئ لنا المستقبل أكثر من هذا مع كامل اقتناعي بأن مثل هذه الحلول والتدخلات الدولية لن تضع حدا للأزمة، بل على العكس فهي تزيدها استفحالا والدليل على ذلك ما حدث ويحدث في أفغانستان والعراق والصومال !!
* للأسف يا استاذ ثروت لم يعد الكلام مجديا في التخلص من المأزق الذي وضعنا فيه أنفسنا، خاصة مع الأزمات السياسية المتلاحقة التي تشهدها بلادنا، إلا إذا حدثت معجزة، وادعو الله أن تحدث !!
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى ،9نوفمبر 2009
