عالمية

القاهرة تختنق: ‏14 مليون مركبة تدخل وتخرج يومياً من 16 منفذاً

قبل نحو شهرين، أعلنت وزارة الداخلية المصرية البدء بدراسة فكرة فرض رسوم على دخول السيارات إلى مناطق معينة وسط القاهرة، خصوصاً في أوقات الذروة، في محاولة منها لتقليل الضغط على شوارع وسط المدينة الضيقة، التي عادة ما تعاني اختناقات مرورية حادة.

كما تفكر وزارة الداخلية في تحديد أيام معينة لدخول السيارات التي تحمل أرقاماً زوجية وتخصيص أيام أخرى للسيارات ذات الأرقام الفردية، وسط تساؤلات عن إمكان أن تسهم هذه المحاولات بحل مشكلة الاختناق المروري في القاهرة من جذوره.

ويؤكد اللواء شريف جمعة، مساعد وزير الداخلية للشرطة المتخصصة، أنه ثبت فى إجتماع لجنة الإنتاج الصناعى والطاقة بمجلس الشورى، أن هناك 14 مليون مركبة تدخل وتخرج من القاهرة يومياً، من خلال 16 منفذاً، “وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على شبكة الطرق، ولم تعد أماكن الانتظار تتحمل عدد هذه المركبات، وهو ما يستدعي التفكير فى حلول غير تقليدية، منها تخصيص أيام لأرقام لوحات السيارات الفردية وأيام أخرى للزوجية من أجل توفير الطاقة وتخفيض السيولة المرورية”.

وعن أسباب تفاقم أزمة المرور، ذكر تقرير اللجنة أن هذا يرجع إلى قصور شبكة الطرق الحالية عن استيعاب السيارات التى تزايدت أعدادها بصورة كبيرة، وتبديد جزء من طاقاتها الاستيعابية نتيجة الإشغالات على جانبي الطرق التى تحولت إلى أماكن انتظار، وعدم الانضباط الذى يسود الشوارع، وزيادة التسهيلات والقروض والاستثمارات التى يتم توجيهها لشراء السيارات الخاصة، والتى وصلت إلى 17 مليار جنيه عام 2007 فقط .

ويضيف جمعة “يدرس مجلس الوزراء إنشاء هيئة تضم وسائل النقل المختلفة سواء نقل عام أو سرفيس أو مترو أو سيارات أجرة، لوضع معايير من أجل التنسيق بينها والإشراف عليها”.

ويشير إلى أن عدم احترام قانون المبانى، وإنشاء بنايات أعلى من الارتفاعات المحددة وإنشاء مراكز تجارية وبنوك فى وسط القاهرة، ومناطق الجذب بدون أماكن انتظار أو مواقف زيارات أدى إلى حدوث اختناقات مرورية، لأنها لم تحظ بالدراسات المرورية قبل إنشائها، لذلك صدر قرار بعدم حصول أى مبنى على رخصة الإنشاء إلا بعد إجراء الدراسات المرورية للمكان الذى سيقام فيه.

إلغاء المواكب؟

لكن المواطن نسيم لوقا يرفض منطق الرسوم، ويسخر منه لاعتباره أحد أبواب الجباية التى لا تحل جوهر المشكلة، ويقترح ساخراً فرض رسوم على المشاة أيضاً إذا مروا في وسط البلد، ورسوم أخرى على الهواء الذى يستنشقونه بما قد يرفع درجة السحابة السوداء التى يعرفها المصريون جيداً فى الشتاء، وأيضاً فرض رسوم ثالثة على كل من تسول له نفسه فكرة الخروج من اليبت”، كما يقول لـ”العربية.نت”.

أما مدحت ق. فيتساءل بامتعاض: لماذا لا تلغى مواكب الوزراء والمسؤولين التى تجوب وسط العاصمة، ويصاب المرور بسببها بالشلل التام، ولماذا لا ينقل مجلس الشعب والشورى والوزارات من قلب شارع قصر العيني؟. ويضيف “عليكم أن تمروا من هذا الشارع لتعرفوا حجم المعاناة”.

كما تسألت سعاد عطية عن “الشوارع التى تحتلها وزارة الداخلية فى وسط البلد، بسياراتها الضخمة وسيارات الحوادث المصطفة على جوانب الطرق، وكذلك السيارات المهجورة منذ عقود وقد غطاها الصدأ ولا يعرف أصحابها، أليست هذه أجزاءً من المشكلة؟ ولا يجب إغفالها إن كنا نبحث عن حل”.

“سالك ”

ويستشهد توفيق ناصيف بمبادرة دبي، في الإمارات العربية المتحدة، لتطبيق نظام “سالك” المروري، “فمن يمر وسط شارع الشيخ زايد، يتم خصم 4 دراهم من رصيده، وهو نظام يتم شحنه ودفعه مقدماً، ما ساهم فى تقليص الزحام”. ويضيف “إن النظام نفسه تطبقه روما ولندن، وهى فكرة لا نتقبلها هنا لأننا شعب كسول لا يحب المشي حتى لاقرب المشاوير”.

لكن أنور إبراهيم، وهو موظف حكومي بسيط يرتبط عمله بوسط العاصمة، يقول “تعالوا نتخيل، مع التفاؤل، أن الرسم المقرر على مرور السيارة إلى داخل البلد هو 3 جنيه كبداية، وبعدها يتحول إلى 5 على غرار محطات التحصيل على الطرق السريعة. تخيلوا 3 جنيه تستقطع من موظف بسيط مثلى يدخل ويخرج وسط البلد على الأقل 3 مرات فى اليوم الواحد، يعنى فى المتوسط 9 جنيهات. يعني فى الشهر قرابة 300 جنيه تستقطع منه لا لشيء سوى رغبته فى إنجاز عمله”.

ويستدرك “عموماً أنا مستعد أدفع، بشرط أن يدفع مثلى القاضي والضابط والوزير والنائب فى مجلس الشعب حتى أشعر بالمساوة ودولة القانون”.

من جهتها، تتساءلت د. سهير منصور “كيف يتكلمون عن حل مشكلة المرور بعد أن وافقت محافظة القاهرة على كايرو إكسبو سيتي (مدينة معارض عالمية) باستثمارات وصلت إلى المليارات؟”، مضيفة “لماذا لم يبنوا هذه المدينة العالمية في موقع على ساحل المتوسط، أجمل وأنظف وأقرب للميناء؟”.

ويشير أيمن طاهر ومحمد جمعة إلى أن البعض تعرض للأعطال المرورية فى وسط البلد ومجمع التحرير الضخم الواجب نقله، وكذلك الأسواق القديمة والورش التى تحتل المكان، طارحاً فكرة نقلها، مؤكدين أن أسواق منطقة الأزهر والرويعي والفجالة وغيرها لماذا لا يتم التفكير فى نقلها أو بعضها إلى أطراف المدينة أسوة بما حدث لسوق الجملة ومنطقة الحرفيين؟.

العربية نت