مستقبل حلايب بين الخرائط والدبلوماسية
يبدو أن مثلث حلايب الذي تشرف مصر على إدارته منذ عام 1992 سيكون إحدى أدوات الضغط المتحركة بتحرك طقس السياسة بين الخرطوم والقاهرة. ويرجح أن إصرار مصر والسودان على تمسك كل طرف منهما بأحقيته في المنطقة دون اللجوء إلى أي تحكيم دولي أو معالجة محلية، سيضع كثيرا من علامات الاستفهام حول وجهة النظر المستقبلية لكليهما.
ففي الوقت الذي نشط فيه ساسة ومواطنو شرق السودان في طلبهم بمعرفة موقف الحكومة من حلايب مما دفع الرئيس عمر البشير للاستجابة بالتأكيد على سودانية المنطقة، دون الخوض في أي تفاصيل أخرى، لم تصمت القاهرة طويلا بل جاء ردها سريعا عبر عدد من مسؤوليها بمصرية المنطقة.
وبينما دافع حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان عن تصريحات رئيسه بتجديده التأكيد على تبعية المنطقة للسودان، قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن حدود بلده معروفة ومحددة بخط عرض 22، وهو ما يجعل منطقة حلايب داخل الحدود المصرية.
خلفيات تاريخية
لكن حزب المؤتمر الوطني -الذي نفى وجود تيارات في داخله تسعى لجر مصر إلى مواجهة مع السودان- وجد تجاوبا مماثلا من أبو الغيط بعدم الخوض في الخلفيات التاريخية.
واكتفى الأمين السياسي للمؤتمر الوطني إبراهيم غندور -في تصريحات صحفية- بالتأكيد على أن حلايب سودانية وستظل سودانية.
لكنه أشار إلى أن حزبه لا يتطلع إلى تعكير صفو العلاقات مع مصر من خلال جدل إعلامي.
غير أن رئيس حزب مؤتمر البجا للإصلاح والتنمية بشرق السودان عثمان باونين -على الرغم من ترحيبه بما صرح به الرئيس البشير- اتهم الخرطوم والقاهرة بعقد صفقة سرية للإبقاء على حال المنطقة “معلقة دون معالجة”.
وطالب باونين في تصريحات صحفية الحكومة السودانية بحسم الملف على أرض الواقع “لا من خلال هتافات جماهيرية”، بحسب قوله.
منطقة رمزية
أما الخبير السياسي مكي على بلايل فاعتبر الإشارة إلى منطقة حلايب في خطاب الرئيس البشير أمرا عرضيا “لأنها منطقة رمزية لا يمكن تجاوزها في احتفال طالب فيه المواطنون بمعرفة مصيرها”.
واستبعد في حديث للجزيرة نت أن تكون للحكومة السودانية مصلحة في إثارة أزمة مع مصر، رغم أن الوضع أصبح مثل كرة الثلج، “فالحكومة لا تستطيع إنكار سودانية المنطقة وفي نفس الوقت لا تستطيع خلق أزمة مع القاهرة”.
وعزا المحلل السياسي محيي الدين تيتاوي بروز أمر حلايب لسببين أكد أنهما دفعا الخرطوم لطرق بابها، رغم الصمت الذي امتد لأكثر من سبعة عشر عام.
أدوار سالبة
وقال للجزيرة نت إن هناك من يعتقد أن دورا سالبا بدأت تلعبه القاهرة وطرابلس بشأن تحويل منبر الدوحة حول دارفور إلى ليبيا.
بينما يرى آخرون أن أيادي مصرية تعمل لزعزعة الاستقرار في السودان بسبب تخوفها من نجاح الإسلاميين في الحكم بالسودان، وبالتالي ربما انعكس ذلك على شكل الحكم في مصر.
ومن جهته اعتبر الخبير السياسي حسن عبد الله الحسين أن ظهور حلايب “ثمرة من ثمار الحكم الفدرالي الذي ارتضاه الشعب السوداني في الفترة الماضية”، مشيرا إلى مطالبة شعبية بالبحث عن حل لمعضلة المثلث.
وقال في تعليق للجزيرة نت إن مطالب المواطنين في الشرق لم تترك للرئاسة مجالا لتجاهل الحديث عن سودانية المنطقة ولو من باب إرضائهم.
الجزيرة نت