كأس العالم 2010

مارادونا .. بين “كاريزما” اللاعب المبدع وسطوة المدرب المجنون

جنون مارادونا لا يتوقف، حتى وهو مدرب لمنتخب مؤهل لتحقيق كأس العالم، فبعد سلسلة الإبداعات التي قدمها وهو لاعب، وأذهلت العالم، ها هو يعيد السيناريو، ولكن هذه المرة كمدرب لمتخب بلاده، الذي يخوض معه مغامرة كبيرة بين صفوة منتخبات العالم في جنوب أفريقيا.

مارادونا، وهو يمضي في مغامرته، التي يأمل أن ينجح فيها كمدرب، كما نجح كلاعب، يبدو أنه لا يرى أحد، فهو وإن كان مغروراً، فهو غرور كان لصيقاً به طوال مشواره مع منتخب بلاده، وهو ليس ذلك الغرور الذي يجعل الناس تبتعد عنه، إنما هو غرور نابع من إيمانه بمقدرته ومهاراته كلاعب.

large 69701 111778 maradona2 6428 1525

اليوم، مارادونا يُثير الناس ويجعل منه حديثاً للجماهير ووسائل الاعلام، فهو لم يكتفي بالتأكيد على قوة فريقه، وعزمه نيل اللقب العالمي الكبير، إنما تجاوز ذلك ليصل الى الاستهزاء والانتقاص من النجم العالمي الكبير واسطورة الكرة بيليه.

وإستطاع مارادونا كسب الرهان أمام منتقديه وهو يواصل حصد النقاط في المجموعة الثانية التي تضم إلى جانب الأرجنتين كلاً من نيجيريا وكوريا الجنوبية واليونان.
وكان مارادونا قد وعد الجماهير الأرجنتينية بالفوز في جميع مباريات كأس العالم السبع، من أول مباريات المجموعة وحتى نهائي البطولة، ويبدو أنه يمشي في الطريق الصحيح للوفاء بوعده بعد تحقيقه الفوز في مباراتين من أصل السبع التي وعد بها.

وفي ظل المستويات المتأرجحة التي يُقدمها الكبار في البطولة الحالية، بدءاً بحاملة اللقب إيطاليا التي تعادلت في مباراتها الأولى أمام الباراغواي، ومروراً بفرنسا التي تعادلت مع الأوروغواي قبل أن تخسر من المكسيك لتضع آمالها في التأهل على المحك، وألمانيا التي قدمت أقوى مستويات الجولة الأولى أمام أستراليا وهزمتها بأربعة أهداف قبل أن تخسر أمام صربيا بهدف وحيد، وإنكلترا التي تعادلت مع أمريكا في مباراتها الأولى، وانتهاءً بالبرازيل المرشحة الدائمة والتي تغلبت بصعوبة على كوريا الشمالية الأضعف نظرياً في المجموعة التي تضم البرتغال وكوت ديفوار، اللذين تعادلا في المباراة الأولى، بالإضافة إلى البرازيل وكوريا الشمالية.

وفي ظل هذه المستويات، يرى الكثيرون أن “التانغو” الأرجنتيني يسير بثبات ونجاح حتى الآن بقيادة مدربه المثير للجدل مارادونا، حيث استطاع راقصو “التانغو” حصد العلامة الكاملة من النقاط بعد مرور جولتين من النهائيات، حيث افتتحوا بطولتهم بالفوز على نيجيريا 1-صفر، ثم كشروا عن أنيابهم وافترسوا المنتخب الكوري الجنوبي 4-1.

وظهر مارادونا بعد مباراة كوريا الجنوبية وامتدح لاعبيه، وذكر أن المنتخب قدم أداءً رائعاً، مؤكداً أنهم يسيرون وسيحاولون المضي في السير في الطريق الصحيح.
المثير للاهتمام أن النجم الأسطوري مازال يحظى باهتمام وحب وشغف الجماهير الأرجنتينية على وجه الخصوص، كيف لا وهو الذي قاد الأرجنتين لإحراز لقب كأس العالم الثاني والأخير في تاريخها عام 1986، حيث كان في قمة مستواه، والذي يأمل بقيادتها للقب الثالث تحت قيادته كمدرب، وإضافة نجمة ثالثة إلى قميص المنتخب الأرجنتيني.

وعلى الرغم من الانتقادات التي واجهها مارادونا في بداية تسلمه لتدريب المنتخب الأرجنتيني، والنتائج المُخيبة التي حققها في تصفيات كأس العالم والتي شهدت مستويات غير مطمئنة لراقصي “التانغو”، والهزيمة التاريخية التي تلقوها أمام بوليفيا بسداسية دون مقابل، فإن العديد من النُقاد يرون أن المنتخب بدأ يسير في الطريق الصحيح منذ آخر مباريات التصفيات أمام الأوروغواي والتي شهدت فوز الأرجنتين بهدف نظيف أوصلها للنهائيات، ومن ثم الفوز في المبارة الودية أمام المنتخب الألماني بهدف وحيد، حيث ظهر المنتخب الأرجنتيني متماسك الخطوط، وظهر الانسجام واضحاً بين خطوط الفريق.

وبدا أن المدرب الأسطورة قد وصل أخيراً إلى التوليفة المناسبة للمونديال، رغم استبعاده العديد من اللاعبين المميزين مثل أورتيغا وكامبياسو وزانيتي، حيث استدعى مارادونا ما يقارب 180 لاعباً للمنتخب منذ توليه التدريب في تشرين الأول (أكتوبر) 2008.

واستطاع المنتخب الأرجنتيني التأهل للمونديال بعد أن حل في المركز الرابع في تصفيات أمريكا الجنوبية برصيد 28 نقطة جمعها من 18 مباراة، حيث فاز في 8 مباريات، وتعادل في 4 مباريات، وخسر في 6 مباريات.

أما على صعيد المباريات الودية الدولية، فقد لعب المنتخب الأرجنتيني تحت قيادة مارادونا 12 مباراة، فاز في 10 مباريات، منها ما تحقق على منتخبات كبيرة مثل فرنسا وألمانيا، وخسر مباراتين فقط أمام إسبانيا ومنتخب كاتالونيا.
ويبدو أن الخلافات بين مارادونا والأسطورة البرازيلية بيليه مازالت في أوجها من خلال تبادل التصاريح والانتقادات والتهكمات بينهما في الآونة الآخيرة، ما دفع الإعلام للتركيز على هذه “الحرب” بين الأسطورتين التي انتقلت إلى أرض جنوب إفريقيا.

وبدأت الحرب من الجانب الأرجنتيني، حيث صرح مارادونا قبيل افتتاح المونديال بأنه قال منذ البداية إن المونديال سيُقام في إفريقيا، عكس السيد الأسمر الذي كان يرتدي الرقم 10 (يقصد بيليه) والذي أكد أن المونديال لن يُلعب في جنوب إفريقيا بعد حادثة بعثة توغو الشهيرة في أنغولا.

وكان رد بيليه أنه يرى أن مارادونا استلم منصب تدريب الأرجنتين لأنه كان يحتاج إلى عمل يدر عليه المال، وبدا ذلك واضحاً من خلال التأهل الصعب للأرجنتين في تصفيات كأس العالم. وأكد بيليه أن الذنب ليس ذنب مارادونا، ولكنه ذنب من وضعه في هذا المنصب.

ليعود مارادونا من جديد ويرد على بيليه مؤكداً أنه لم يتفاجأ بما قاله بيليه، ويقول متهكماً إن على بيليه العودة إلى “المتحف”.

ومازال مارادونا يثير الجدل بين مهاراته كلاعب وكذلك شخصيته خارج الملاعب، فتراه تارةً متأنقاً ببدلته الرسمية على خط الملعب يوجه التعليمات للاعبيه، ثم تراه تارةً أخرى بعد التدريبات وهو يُدخن السيجار الكوبي.

وأخيراً، احتفل مارادونا بمرور 6 أعوام دون تعاطي المخدرات، وهي التي أنهت حياته الكروية، وكادت أن تنهي حياته بأكملها، حيث عانى النجم الأسطوري منذ فضيحته في كأس العالم 1994 بعد اكتشاف تعاطيه المخدرات وإيقافه بعد مباراة نيجيريا تحديداً، وهي التي عاد ليلعب ضدها مدرباً في أولى مبارياته المونديالية.

ونُقل مارادونا (50 عاماً) عدة مرات إلى المستشفيات حيث عانى من المشاكل الصحية بسبب تعاطيه المخدرات، كان أخطرها عام 2004 عندما تعرض لنوبة قلبية كادت أن تودي بحياته، حيث قرر بعدها العلاج من تعاطي المخدرات والعودة للمسار الصحيح والصحي، وبدا ذلك واضحاً بعد إجرائه عملية لتصغير المعدة بعدها بعام، حيث ساعدته في إنقاص 50 كغ من وزنه.

العربية نت