في كورنيش التحرير.. حناء الجنوب.. زينة الشمال!
مدت شابة في حسن لا تخطئه عين، بيدها التي بلون الحليب الى «حنانة» من جنوب الوادي، والمركب الذى يستقلونه على كورنيش التحرير بوسط القاهرة يتماوج على نيله، حين بدت «الحنانة» وهي في عمر يقترب من الأربعين تتزيا بثوب سوداني.. تتسع مساحة بياضه، حين بدأت تزيد جمال الأنامل والكف بحناء منقوشة أخذت الشابة تسائلها عن مصير «مياه النيل» الذى هما فوقه الآن.. الشارع المصري لا هم له إلا مصير مياه «النيل».. يلاحقون كل من جاء من جنوب الوادي بالسؤال عن الأمر..
مررت «الحنانة» بطرف لسانها مفردة «احنا اخوات» واخذت بأطراف أصابعها تقلب يد المتحننة في يسر شديد..غلاء المعيشة في القاهرة دفع أكثر من ألف أو قل ألفين من السودانيات المقيمات أو العابرات لقاهرة المعز أن يشتغلن في مجال «الحناء» في موضعين هما «المشهد السيني» لكثرة سواحه وكورنيش التحرير.. تجدهن يمسكن بقرطاس بلاستيكي مثقوب أسفله.. الحديث للاعلامي «محمد عثمان» المقيم لست سنوات بالقاهرة حيث يعمل بالاصدارات السودانية هناك وحلم بتفاصيل الحراك الاجتماعي للمدينة، واضاف: «ستونا» المغنية المعروفة لها الفضل في انتشار الحناء السودانية في القاهرة، اذ بثت جمالها وسط الأسر الارستقراطية نظير مبالغ خرافية بجانب تقديمها لطقوسها المصاحبة من غناء ورقص استعراضي، الشىء الذى نقلها الى بقية شرائح المجتمع ووسط السياح وامتهنتها العديد من السودانيات كمصدر رزق لا يستهان به.. فالنقش نظير «01» جنيهات ترتفع مداخيلهن الى اكثر من ألفى جنيه شهرياً..
«الحنانة» عندما اقتربت المركب من اليابسة وفرغت من حنائها.. ناظرتها للحديث فأبت ان تفصح عن اسمها.. اذ ان اهليها ربما لا يقبلون بمهنتها بعد ان رضوا غربتها عن مضض.. ومن البديهى ان تدير وجهها من عدسات كاميرتي.. لكنها عموماً قالت: انها تمارسها منذ «3» سنوات تؤجر منها وتأكل وتشرب وتعلم بناتها.. دخلها في اليوم يزيد عن المائة.. قبل ان تستدير لتلحق بمركب يستعد لرحلة تستغرق نصف ساعة نظير ثلاثة جنيهات، في نيل القاهرة، اخبرتني انها «الحنانة» الخاصة للممثلة «منة شلبي» تنقش لها حنائها في «المنيل» حيث تسكن..
عادت لتلحق بأياد ناعمة تزينها بحناء الجنوب المميزة، تلاحقها تساؤلات أخرى عن مصير «مياه النيل» وحديث على شاكلة «احنا اولاد النيل».. فتمارس حديثها بنقش حنة الجنوب..!
القاهرة: حسام الدين ميرغنى
صحيفة الراي العام