[ALIGN=CENTER] العودة على ظهر اللوري [/ALIGN]
دائماً ما يتجبر ويندفع على كل من يقترب منه جاعلاً المحيط حوله ساخطاً وصاخباً مفعماً بالكراهية والحقد الدفين.. وكل ما ازداد بسطة وسعة في الرزق ازداد بعداً وبونا عن هؤلاء الذين يحاولون ان يختزلوا الفارق الى اضيق المساحات والحدود.. جاءه يشكو المرض اللئيم ليلوذ بأبن المنطقة الذي اصبح رقماً في المدينة.. وهو يتفادى ان يلاقيه كلما جاءه وجد مخرجاً ثانياً يودع به المكان ويتركه حائراً محتشداً باحساس ما كل الضعف والوهن والانكسار.. هذا الرجل لا يستجديه لانه يوماً ما كان يده المعينة وذراعه الساعد عندما تركه والده هناك (بالبلد) ليحتضنه هذا (الخال) الذي فقد العشم والامل الآن فيه كان مسؤولاً له من تربية وسند فقد كان مسؤولاً عنه تماماً ليس جبرياً ولكنه كان يقوم بذلك عن طيب خاطر.. نأي (الخال) بنفسه عن هذا الناكر للجميل وظل باقياً لدى احد اقاربه رقيق الحال على اطراف ذات المدينة وسط حفاوة متكاملة لم ينتقص منها الفقر روعاً وحميمية.. التف كل اهله البسطاء حوله في لوحة انسانية طيبة.. ووجوههم المتعبة تنفرج عن اسارير تحتمل قسوة اليأس وتزرع بذور الامل في جذب الظروف الصعبة ليطوعوا الايام بالتفاهم حوله وجمع القرش في القرش ليحلوا العقدة ويتعالج ذلك القادم من ارض الطيبة ويتماثل تماماً شفاءً لا يغادر سقماً ويبدأ رحلة العودة محاولاً ان يزيل ما علق بخاطره وذهنه عن ذلك الشاب الذي يركب الفارهة ويسكن الشامخة ويتحدث بالجوالات العالمية متباعداً بنفسه عن هؤلاء المساكين كأنهم مرض جلدي معدي.. وتمر الايام وينغمس الكل في تفاصيل حياته المختلفة وتنقلب حلاوة الايام على هذا الشاب ليجد نفسه مشلولاً عاجزاً بعد ذلك الحادث الخطير لينفض من حوله كل معارفه وتنقص ثروته يوماً بعد يوم ليقرروا له العودة الى الجذور. آخر الكلام: حملوه على (عنقريب) ورفعوه على ظهر (اللوري) واتفقوا مع السائق على يدفع اهله بالبلد اجرة وصوله.
سياج – آخر لحظة السبت 26/09/2009 العدد 1127
fadwamusa8@hotmail.com