الطاهر ساتي

قضية طالبين … ممنوع التهريج ..!!

[ALIGN=CENTER]قضية طالبين … ممنوع التهريج ..!! [/ALIGN] ** يجب ألا تغرقنا قضية الطالبين اللذين تم فصلهما نهائيا بجامعة الخرطوم قبل شهر تقريبا بتهمة الوضع المخل .. نعم يجب ألا تغرقنا هذه القضية ، كما فعلت بنا قضية الزميلة لبنى أحمد حسين ..قضية لبنى التي انتهت بخمسمائة جنيه غرامة ، دفع البلد ثمنها في الاعلام الخارجي ، وكان ولايزال الثمن غاليا ، بحيث تحسين ما حدث اعلاميا يبدو عصيا في الوقت الراهن ، حتى ولو دفع البلد كل ميزانيته لكل فضائيات الدنيا ووكالاتها ..!!
** بغض النظر عن التفاصيل وما كان يجب أن تكون ، فالرهان على الزمن في تلك القضية الخاصة بالزميلة لبنى لعب دورا في توسيع دائرتها التي صارت عامة ثم عالمية ..وحكم الخمسمائة جنيه الذي صدر بعد شهر ونيف ، كان يمكن أن يكون حكما قبل شهر ونيف ، أي بعد أسبوع أو أقل من تاريخ البلاغ ، ثم ينتهي كل شئ قبل الضجة الكبرى ، كما انتهى الآن ولكن بعد الضجة الكبرى ..المهم ، العدالة الناجزة خير من العدالة السلحفائية ، وعلينا أن نتعلم من التجارب .. ولهذا أكتب بتحفظ عن قضية الطالبين ..!!
** لست فى موضع يحكم عن الطالبين ، بالادانة أو بالبراءة ..وكذلك لست ملزما بتبني حكم مجلس المحاسبة ، حيث لم يرأسه قاض ولم يحضره محام .. أي لن أقع في بئر القذف..فلندع كل هذا جانبا ، ونحدق سويا فقط في العقاب ، حيث كان – ولايزال – العقاب : فصلا نهائيا ..عقوبة قاسية ، وهى تكاد تكون حكما بالاعدام على مستقبلهما و آمال أسرتيهما وأهليهما .. وهنا أسأل أهل العلم والتربية : هل الفصل النهائي يصلح بأن يكون عقابا تربويا في قضية كهذه ، حتى ولو صحت الوقائع ..؟
** قبل الاجابة بنعم أو لا ، تعلمون بأن لوائح السجون لاتحول بين السجين وطلب العلم ، بل تحفزه على هذا الطلب ..بمعنى ، أى انسان ارتكب جرما وأقتيد الي قاعة المحكمة ، فحكمت عليه المحكمة بالسجن ، ولوكان مؤبدا ، فله على الحكومة – والتي هي وزارة الداخلية وسجونها – حق التعليم ، لو رغب في ذلك ..وأوضح نموذج هو عبد العزيز نور عشر – المحكوم بالاعدام في قضية أحداث غزوة أم درمان – حيث يواصل رحلة العلم اليوم بجامعة أم درمان الإسلامية .. والغاية من تلك اللوائح التربوية – كما تعلمون – هي اصلاح حال السجين ، بحيث يخرج من سجنه انسانا مفيدا للناس والحياة ..فتأمل صديقي القارئ .. ان كانت لوائح السجون بكل هذا الفهم العميق لمعنى اصلاح الفرد ، فما بال لوائح الجامعات التربوية تعجز عن فهم هذا المعنى ..؟
** ثم ، ليس تبريرا لما وقع فيه الطالبان من خطأ ، ان كان هناك خطأ وقعا فيه ..ليس تبريرا ، ولكن من باب كيفية تربية الأجيال أسأل أهل العلم والتربية .. عمر الطالب والطالبة ، أي طالب وطالبة ، لم يكن قد تجاوز الثامنة عشرة عمرا فى بداية مرحلتهما الجامعية ، ماذا تسمى هذه المرحلة العمرية فى حياة الانسان ..؟.. أليست هي المراهقة ، وأليست هي المرحلة التي يجب ان تتضامن فيها الأسرة والمجتمع ومؤسسات الدولة التعليمية والتربوية برعايته وتربيته ، بحيث يكون اضافة حقيقية للشعب والبلد ..؟.. ان كانت الاجابة بنعم ، فلماذا تتخلى الجامعات عن دورها وترفض تحمل مسؤوليتها ، وتأبى التضامن بلوائح فيها : الفصل النهائي ..؟.. ان كانت الجامعات ترفض وتعجز عن رعاية تلك المرحلة الحساسة فى حياة أي طالب وطالبة ، فهل بالله عليكم مجتمع الفاقد التربوي الذي أحيل اليه الطالب والطالبة هو المكان المناسب للرعاية والتقويم ..؟
** هكذا أنظر لقضية الطالبين بعيدا عن تفاصيل الحدث وصدقها أو كذبها ..وهكذا يجب أن ننظر لقضايا كل الطلاب المفصولين من كل جامعات بلادي في مثل هذه القضية .. فالأمر أمر تربية يا عالم ..وليس بمباراة هلال مريخ كما يظن البعض .. والتهريج والتهويل في قضايا التربية لاينفع .. وعلينا أن نكون عونا لمدارسنا وجامعاتنا – لا وبالا عليها – بالحوار العميق والنقد البناء والنقاش المفيد حتى تقوى فى كل جوانبها الأكاديمية والتربوية .. فالرجم سهل وليس بحاجة الي ذكاء أو حكمة وكذلك الهدم ، ولكن الترميم والبناء بحاجة الي تلك الحكمة وذاك الذكاء ..!!
إليكم – الصحافة الاثنين 14/09/2009 العدد 5827
tahersati@hotmail.com