الطاهر ساتي
بطاقة وفاء ليست سرية ..!!
** فسألت الزملاء الذين لم يتعمقوا في أعماق ذاك المنظر : من منا له الجرأة ، بحيث يصطحب زوجته بكل تلك التفاصيل السعيدة في شوارع بلادي ..؟..فضحكوا جميعا ، ثم اعترفوا : نعم نحبهن ، ولكن ليس لدرجة أن نجاهر بحبنا لهن في الشوارع وتحت أنظار العامة بحيث نتأبط يمناهن أويسراهن كما يفعل هذا الأخ العربي ..بل إستطرد أحدهم قائلا بطريقتنا السودانية : ياخي دي قلة ادب ساكت .. وقد صدق ..نعم في ثقافة مجتمع بلدي ليس لك حق الجهر بعواطفك النبيلة لمن تسببت في ذاك النبل ، وإذا تجرأت ومارست هذا الحق فأنت إما قليل ادب ، كما وصف ذاك الزميل ، أوضعيف و : زول إضينة ساكت ..ولكي لاتوصف بتلك الصفات الذميمة ، عليك أن تكبت عواطفك النبيلة وتكبح جماح مشاعرك ، وتكتفي تجاهها فقط – كنوع من اظهار حبك وكدة – بالتلقيح ثم جلب الطعام والشراب في الميعاد ..وهنا لايختلف وضعهن في حياتك كوضع تلك التي في الحظائر من أنعام في حياة أ ى راع ..وهنا الأسف ..!!
** وقد يصل بك التوجس من ثقافة مجتمعك مقاما رفيعا ، بحيث تستحى حتى أن تذكر – أو يُذكر – إسمها أولقب حبيب إلي نفسك أمام جمع ما .. مثلا ، قد يسألك صديقك عن حالكما وتكونان حديثي عهد بالحياة الزوجية ، فترد : والله أنا كويس ، والأولاد الحمد لله بخير ، وبيسلموا عليك .. كهذا تسميها .. الأولاد ، وانت الذي لم يكتمل شهر عسلك معها أسبوعا ونيف .. وهذا حياء أفضل من حياء البعض الذي يرد برد من شاكلة : الولية كويسة وماعندها عوجة ..والولية هذه هى الراسخة فى ثقافة مجتمعنا بالتوارث جيلا عن جيلا ، وهى الأوسع شيوعا .. وإلي أن مات جدي – عليه رحمة الله – لم أسمع إسما أو لقبا لجدتي – عليها رحمة الله – على لسانه غير هذه : الولية ..وأذكر فيما أذكر ،حين يذهبان سويا إلي سوق أرقو السير ، بثمارهما وحصاد زرعهما ، كان يجب عليه أن يتقدمها بمسافة لا تقل عن المائة متر أو أبعد ..هكذا كانت ، ولاتزال ، مظاهر إظهار الرجولة في ثقافة أرياف بلادي ومدائنها أيضا .. تختلف المشاهد ، ولكن القاسم المشترك بينها هو : ثقافة الإستعلاء الرجولي .. وهي ليست كثقافة ذاك العربي الذي يتأبط يسرى خليلته بحنان طاغ .. لو رآهما جدي ، ربما لطبق فيها حد : قلة الأدب ..!!
** لماذا أثار مسلسل نور ومهند كل ذاك الغبار عند العرض ..؟.. ولماذا شغل عقول وقلوب العالم الثالث ، وجذبها الي حيث متابعة تفاصيله بكل حواسهم ..؟..ما كان يحدث بين نور ومهند ليس مدهشا ولاغريبا في عوالم الآخرين ، ولايستدعي إخلاء الشوارع وإغلاق الأسواق وإسكات الأطفال للمتابعة والتحديق ..فالأزواج هناك لايفتقدون تلك المشاعر الصريحة ، بحيث يبحثون عنها في الدراما ..ولكن هنا – حيث إحساس قلب عوج الدرب تجاه قلب البتول يولد مكبوتا ويعيش محروما ويموت محاصرا ومراقبا – يجد مثل ذاك العمل تلهفا وإشتياقا وإعجابا..كانوا يفتقدون شيئا فى حياتهم الزوجية ، فوجدوه في حياة نور ومهند ..هكذا الزوج الشرقي ، مع التركيز على : الزوج السوداني ..ولهذا أحترم تمرد ثقافة الجيل الناشئ المشبعة بإظهار محاسن المشاعر النبيلة بلا حياء أو وجل ..وهي الثقافة المتمردة على ثقافة جيل ناس : يا ولية لو مشيتي بيت أمك إنتي طلقانة .. فاكرمها سرا وجهرا بكل فخر ، يا صديقي الكريم ، فما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ..ولهن بطاقة حب ووفاء ، وهن يتقاسمن معنا رهق الحياة ورحيقها …!!
إليكم – الصحافة الثلاثاء 01/09/2009 العدد 5814
tahersati@hotmail.com
الاخ ساتي هذه ثقافة مجتمعنا, اذا تابعت ثقافة بعض الشعوب تجد ما هو اغرب , لكن السؤال المنطقي تستطيع انت فعل ذلك العربي الذي اعجبك؟ لا اظن
الاخ الطاهر سلام وتحية
اولا ان المنظر الذي اثارك اتفق معك بعدم وجوده ولا قريبا منه في ثقافتنا .. وثانيا هذا المنظر لن تجده عند العرب كما ذكرت فهو عادة مصرية فقط .. نعم لايسير اي مصريين اثنين او اكثر الا وهم متلاصقان ويدخل احدهما يده تحت يد الاخر …ذكورا واناثا لن تجدها الا عندهم اما بقية الاخوة العرب فلا توجد لديهم هذه العادة ..ثالثا مسألة كبت المشاعر تحتاج الي ثورة بدات تظهر في ثقافتنا في بعض الوجوه .. لايزال البعض منا يخشى من ذكر اسم زوجته .. في بداوة ظاهرة .. ياخي خليك من دي في ناس فس السودان دة والكثير منهم عايش في الخرطوم دي بشوف البنطلون ما رجالة .. والما لبس عراقي وسخان ومبهدل ما راجل !!! حاول تابع ليك سوداني زوجته انجبت له طفلا خاصة الطفل الاول .. شوفو بيكلم الناس بالخبر كيف …ولا حظ اكثر لو كان المولود بنتا !!! نحن نتعامل مع الانثي بجاهلية سودانية برغم كل مظاهر التحضر التي نبديها .. شوف مستوى العلاقة بين الاب وبناته داخل الاسرة وستعرف صدق تصوري .. ودمتم