عبد الجليل سليمان

الخارجية.. مَا لَهُا نَاطِقٌ وَلاَ صَامِتٌ

[JUSTIFY]لن يختلف زيد وعبيد في أن ناطِق اسم فاعل من نَطَقَ، إلا أن من ضمن معانيه (أي ناطق) ولعله أهمها هو (واضِحٌ ، بيِّنٌ)، لكن، وهذا ليس نكاية في الخارجية وإنما أكثر، حري بنا أن نقول إن خارجيتنا (ما لها ناطق ولا صامت) أَيْ ليست لها مَا مَاشِيَةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، كما جرى المثل العربي القديم، فالماشية ناطقة والذهب صامت.

أما الناطق باسم الخارجية، فإعرابه صعب وشائك، لكنني هنا أحاول أن أجعله شائقاً ومشوقاً خاصة بُعيد تسميتها لـ(وليد السيدّ) خلفاً لـ(الكردفاني)، بحسب مصادر الزميلة (أميرة الجعلي) المأذونة والموثوقة والمطلعة.

بدت لي الخارجية وهي تدأب كل شهرين ثلاثة، أو بعض سنة، نصفها إلا قليلاً، في تغيير لسانها الرسمي، وكأنها تعبث بهذه الوظيفة المهمة خاصة بالنسبة لـ(السلك) الدبلوماسي، الذي يحتاج التعبير عنه لساناً ذرباً وعقلاً نضيداً ومعرفة وعلما وإدراكا وثقافة موسوعية، لكن قبل كل تلكم الصفات لابد أن يتمتع اللسان (الخارجي) للشعب السوداني الكريم بالقبول، (والقبول من الله سبحانه وتعالى) وكذلك بالتدريب المستمر.

وربما لأنه كذلك، فإن الألسنة الدبلوماسية السودانية المتعاقبة، عدا واحداً – ربما – وإلى حد ما، لم تلق هذا القبول أبداً، خاصة اللسان السالف (يوسف كردفاني)، الذي تجعلك سيرته (قصيرة الأمد) في هذا المنصب الرفيع والخطير، تتحسس مسدسك، فالرجل مُذ تسنمه هذه الوظيفة جال الصحف جولات عديدة وصالها صولات كثيرة، متحدثاً مع رؤوساء تحريرها عما أسماها الخطوات المقبلة مع وسائل الإعلام، والتي تتضمن تطوير العلاقة بين الصحافة والوزارة واعداً بأن كلما طال أمد (نطقه) فإن العلاقة ستشهد قفزات نوعية مثل تذليل العقبات التي تواجه الصحفيين في الوصول إلى الدبلوماسيين داخلياً وخارجياً، وبشر بما أسماه التكامل بين الخارجية والصحافة وشدد على ضرورة اضطلاع الصحافة بنقلات نوعية على المستوى الإقليمي والعالمي، إضافة لتمليك الصحف المعلومات التي تمكنها من القيام بدورها.

أي والله، هكذا انطلق لسانه أول ما انطلق، لكنه ما لبث يوماً أو بعض يوم، حتى تغير حاله وتبدل لسانه، وانحدر الأمر بأن أعلن الصحفيون المكلفون بتغطية دائرة الخارجية عبر بيان لهم مقاطعة تغطية نشاط الوزارة اعتراضا على سياسة المتحدث الرسمي باسمها السفير يوسف الكردفاني. وعزوا الخطوة لطريقة التطاول غير المقبولة في التعامل من قبل المتحدث مع الصحفيين عقب اجتماع شهد مناقشات حادة بين المتحدث والصحفيين، وكشف ذلك البيان عن تهديد المتحدث بما سماه حقه في إجراء تغيير كامل للصحفيين المكلفين بتغطية نشاط وزاراته، مدعياً أن القانون يكفل له ذلك، على أي حال، عاد لسان الكردفاني إِلى قِرَابهِ، وها هي الخارجية تخرج لساناً رسمياً جديداً متمثلاً في (وليد السيدّ)، لكن هذا لن يجدي إذا لم تضع في اعتبارها أن القصة (ما قصة تغيير لسان بآخر)، بقدر أن تعلم علم اليقين بأن النطق ليس هو الذي يميز الإنسان عن باقي المخلوقات الحية، وإنما العقل: (قالت نملـة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون).

لذلك، فإنه ينبغي تبديل عقل بعقل آخر، وها نحن ننتظر.!
[/JUSTIFY]