عثمان ميرغني
احذر.. أمامك خطر داهم!!
وبعبارة أخرى.. من بين كل خمسة بائعين للبن.. أربعة منهم يغشون.
بمثل هذه الأرقام يصبح ضرباً من السذاجة أن يحصل المرء على حصة الألبان اليومية التي تحتاجها الأسرة.. من أي بائع في الطريق.. حتى لا يقع في الأربعة.. وبما أن التأكد من صلاحية اللبن عمل لا يستطيعه المواطن العادي.. وليس في الإمكان تحديد من يمارس الغش ومن البائع الصدوق.. تصبح السلامة الغذائية هاجساً كبيراً لكل أسرة..
أنا شخصياً حللت المشكلة بالتوقف تماماً عن شراء اللبن من البائعين والاكتفاء فقط بمنتجات الشركات (الشهيرة) التي تتوفر في عبوات محكمة الإغلاق وعليها العلامات التجارية.
لكن كيف يمكن تمديد هذا الحل إلى بقية السلع الغذائية الأخرى؟.. فاللبن مجرد سطر واحد في قائمة طويلة لمنتجات غذائية تحتاجها الأسرة يومياً.. بما فيها ماء الشرب نفسه.. كيف يمكن ممارسة سياسية (الأمان الغذائي) على المستوى الشخصي والأسري؟.. فالغش لم يتوقف في حدود سلع بعينها، فحتى الماء الذي يباع في عبوات اتضح أنه مغشوش عن طريق إعادة تعبئة الماء من مصادر لا علاقة لها بالعلامة التجارية المطبوعة على العبوة..
وإذا كان اللبن– سيد الطعام- يتعرض إلى كل هذا الغش فما بالكم بما هو أدنى؟!.. الخبز، والمخبوزات الأخرى، والمعلبات، والخضروات، واللحوم، وطائفة عريضة من السلع الغذائية الضرورية، التي يشقّ على المواطن الامتناع عن شرائها، كما يستحيل عليه اختبار جودتها، أو صلاحيتها.
في تقديري هناك طريقة مثلى للمعالجة.. تضرب عصفورين بحجر واحد.. فهي توفر مصادر آمنة للغذاء.. وفي المقابل ترجم بالحجارة المصادر التي تحترف الغش التجاري..
تتولى جهة محايدة غير تجارية– مثلاً جمعية حماية المستهلك- نشر إعلانات (نتطوع بنشرها لهم مجاناً في التيار)، تطلب من أصحاب المحلات التجارية إشهار (الصدق).. كيف؟؟، سأقول لكم..
صاحب المنتج أو المحل الذي يأنس في نفسه الشفافية والصدق في تجارته يتصل بجمعية حماية المستهلك، ويطلب الكشف الاختياري عن صلاحية بضاعته.. وتباشر الجمعية هذا الكشف وفق أسس مهنية، وبصورة مفاجئة دون إخطار مسبق.. وتضع المحل تحت طائلة التفتيش الفجائي المتواصل.. فإذا تثبتت الجمعية من درجة الصدق التجاري لدى المحل تشهره في إعلاناتها، وتطلب من المواطنين التعامل معه..
هذه الطريقة وبمرور الزمن تنجب قائمة لتجار صادقين.. في مقابل قائمة أخرى هم الذين لم يطلبوا تفتيشهم.. فتطولهم الشبهات.
قائمة الصادقين في البداية ستكون قصيرة، ولكن بمرور الزمن عندما يدرك التجار أن الصدق هو أول مدخل للربح والنجاح ستطول القائمة.. إلى أن يأتي يوم تضطر فيه جمعية حماية المستهلك إلى قلب الوضع.. فتشهر الفاسدين.. بعد أن يصبحوا أقلية منبوذة.[/JUSTIFY]
دعاية رخيصة للأخطبوب أسامة داوود