ماكينة “سحل” البشر الاقتصادية اليومية
قال الراوي: في لمحة سريعة يمكن القول إن الفيلم يروي قصة (موظف – عامل)، يمكن أن يكون من أية قارة من قارات كوكب الأرض ومن أية مدينة من مدن العالم الكبيرة أو الصغيرة، المتأثرة والخاضعة للنظام الاقتصادي العالمي بكل وسائله (الاستلابية) و(التشيئية) المسيئة للإنسانية والمضرة بالأرض, والقصة تروي في تشويق وحبكة درامية لا تخل بالمعنى (الفسلفي) جزءا فقط من يوم هذا العامل – الموظف.
قال الراوي: زمن الفيلم (الوقائع) يبدأ من لحظة استيقاظ العامل – الموظف، إلى اللحظة التي يصل فيها إلى مكان عمله ويبدأ في ممارسة مهام هذا العمل، وما بين هاتين اللحظتين الزمنيتين، تتكشف أمامنا عبر الفعالية الدرامية (الإخراج) فكرة الفيلم والمعنى الذي يرمي إليه فلسفيا وإنسانيا، فمنذ اللحظة التي يرن فيها جرس المنبه لإيقاظ العامل تتداخل كل (الأشياء) المادية وتتشابك بشريا، في حالة من الترميز ما بين (التشيؤ، التبلد، الإمحاق، والانسحاق والاستسلام)، فالمنبه ما هو إلا إنسان كامن يتفاعل لحظة (الرنين) ثم يهمد، والكراسي ما هي إلا مجموعة من البشر، تتفاعل لحظة الجلوس عليها وتستسلم، وشماعة الملابس، ما هي إلا إنسانة متجمدة في (ماديتها) لحفظ الملابس وووو…إلخ.
قال الراوي: تمضي أحداث الفيلم (الكئيب نوعا) في ذات المنوال، خروجا مع العامل – الموظف إلى الشارع كي نرافقه إلى مقر العمل، حيث تتبدى إشارات المرور وكأنها وجوه إنسانية (تحيا) لحظة الإضاءة و(تموت) لحظة الانطفاء في تبادلية مستمرة ما بين الأصفر والأحمر والأخضر، وسيارات التاكسي ما هي سوى (ناس) يصعد الموظف – العامل على ظهر أحدهم ليقطع به جريا شوارع المدينة إلى حيث مقصده، والمصاعد والأبواب وكل شيء بشر بشر في شكل (شيء مادي) مستهلك ومستنزف ومحترق.!
ختم الراوي قال: في نهاية الفيلم (المتوقعة) يصل الموظف – العامل إلى مقر عمله، يعدل من ربطة عنقه ويمسح على شعره ثم يستعد للتحول المادي المتشيء.
استدرك الراوي؛ قال: إلى ممسحة أحذية مرمية أمام أحد الأبواب المكتبية يتحول بطل الفيلم.
[/JUSTIFY]