الصادق الرزيقي

برودة طقس سياسي!!

[JUSTIFY]> لماذا تبدو التحضيرات والتجهيزات للانتخابات المقبلة حتى اللحظة، باردة وباهتة، كأن كثيراً من الناس لا تعنيهم بالرغم من أن الحزب الحاكم المؤتمر الوطني وأحزاباً كثيرة قررت خوضها والتنافس في الدوائر الجغرافية والقوائم النسبية والمرأة؟
> السبب ليس راجعاً على أي حال، إلى مقاطعة أحزاب المعارضة الجولة الانتخابية القادمة في أبريل المقبل، فهناك أسباب أخرى مهمة أفرزت ما نحن فيه الآن من برودة الطقس السياسي العام وانصراف الجماهير عن متابعة الشأن السياسي إلى غيره من الشؤون.
> ويلاحظ أن الحركة السياسية السودانية المنقسمة على نفسها تختلف في مفاهيم وآليات العمل الديمقراطي وقواعد اللعبة نفسها، مما باعد بينها في الاتفاق على القواسم المشتركة واتخاذ صناديق الاقتراع الوسيلة الوحيدة لتبادل السلطة والمشاركة فيها.
> ونظراً للظروف الناشئة وحدوث متغيرات اجتماعية وسياسية هائلة هزت كيان المجتمع، فإن الجماهير فقدت طعم التنافس الانتخابي ولم تعد تشعر به بقوة كما كان يحدث في التجارب السابقة، فحتى انتخابات 2010م كان فيها تنافس وسجال وحملات انتخابية محمومة وساخنة، وفي هذه الجولة التي بدأت مراحلها وحددت الأحزاب المشاركة فيها مرشحيها، فإن الحال يختلف هذه المرة مما يجعلنا نشفق على العملية الانتخابية برمتها وذلك للأسباب الآتية:
1 ــ لم تحسن كل الأحزاب المشاركة في الانتخابات، اختيار المرشحين خاصة في الدوائر الجغرافية، واختفت النجوم الانتخابية من قوائم المرشحين، ولا تجد المواطنين والناخبين في كثير من الدوائر الجغرافية يعرفون شيئاً عن المرشحين أو يمثلون لهم حيثيات سياسية مقنعة، فغياب النجوم سيكون سبباً في انحسار الإقبال على عملية التصويت وحجم المشاركة، لانتفاء الجواذب في المعترك الانتخابي والسياسي.
2 ــ في حالة المؤتمر الوطني كأنموذج، عمد كثير من الولاة في ولاياتهم إلى إقصاء القيادات المؤثرة في المجتمع، واستعاضوا بدلاً منهم بالمحاسيب والمطبلين والمؤيدين وخاملي الذكر، وقد تولد لدى المواطن إحساس بأن العملية كما طبخها الولاة غير ذات جدوى ومضمون، لأن الخيار لم يكن هو خيار الكليات الشورية الدقيق ولا الاختيار الحر المبرأ من تأثيرات الوالي في ولايته. فعملية الإبعاد التي حدثت لكثير من القيادات ونجوم المجتمع ورموزه انعكست بالفعل على الأجواء العامة للانتخابات وتفاعلات النشاط السياسي داخل الحيز الجغرافي لأية دائرة انتخابية.
3 ــ لم تبدأ الحملات الانتخابية بعد، لكن المؤشرات والإرهاصات تشير إلى أنها لن تكون بالمستوى المطلوب، للسببين المذكورين آنفاً، ولسبب آخر متعلق بطبيعة الاتصال الجماهيري الذي تطورت وسائله ووسائطه، فقد فقدت الندوات والليالي السياسية بريقها، وأجدبت المنابر والجدالات وفقدت المناظرات السياسية قيمتها، ولم تعد هناك أطروحات فكرية أو برامج انتخابية تقدم للجمهور ويتبارى حولها الخصماء والغرماء الحزبيون، وتنشط الأحزاب التي تعيد بناء ذاتها وهياكلها في تهيئة كوادرها ونشطائها، وتقوم قياداتها بالتطواف على كل المناطق وقيادة الحملة الانتخابية التي تحرض الجماهير على المشاركة وتنتظم التعبئة الشاملة، وتشتعل الأجواء العامة، ولا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات.
4 ــ تواجه كل الأحزاب التي قررت خوض الانتخابات بما فيها المؤتمر الوطني، جائحة من التفلتات وعدم الانضباط التنظيمي بترشح عدد كبير من منسوبي الأحزاب كمستقلين في الدوائر الجغرافية، وهذا سيجلب مشكلات عدة يصعب حلها بسهولة، ولن يحجب شيء آثارها على الجمهور.
> ومن جملة هذه النقاط ينبغي القول إن الانتخابات القادمة تواجه وضعاً حرجاً للغاية قبل أن تبدأ مرحلة الحملة الانتخابية، فهل تستطيع الأحزاب والقوى السياسية تسخين الأجواء بالندوات واللقاءات والليالي الخطابية والبرامج والوسائل المختلفة التي تجعل منها انتخابات مفصلية وحيوية وحاسمة تمهد للاستقرار وانتظام الخيار الديمقراطي في ديمومة كاملة؟![/JUSTIFY]