محمود الدنعو

جائزة الحوار

[JUSTIFY]كثيرا ما يرافق منح الجوائز الدولية الكثير من الجدل، وأشهرها جوائز نوبل الأرفع في العالم، التي تثير جدلا كثيفا في جائزتي نوبل للآداب والسلام بعكس الفئات الأخرى، ذات الطابع العلمي التي لا جدال حولها، ونحن العرب أكثر الشعوب جدلا، فكل من منح نوبل للآداب وصمناه بالانحياز للصهيونية، ومع ذلك كل عام نتوقع اسما عربيا بين المرشحين، ومن أكثرهم الشاعر أدونيس، فلا يزال العرب بجائزة وحيدة للأديب المصري الراحل نجيب محفوظ، ولكن هناك جوائز لا يكون الجدل حول أن هناك من هو أحق بها من الذي توج بها مع الاعتراف بأنه يستحقها، ولكن هناك من هو أحق، وتلك درجات تتفاوت في التقييم وتفتح الباب للجدل المشروع، ولكن ما نحن بصدده جوائز سياسية تمنح لزعماء يجمع القاصي والداني أنهم ليسوا الأحق بها بل لا يستحقونها مطلقا مثل الجدل الدائر هذه الأيام في السنغال حول منح الرئيس مكي صال جائزة السلام والحوار بين الشعوب خلال تظاهرة اجتماعية وثقافية خيرية سنوية في مقاطعة صاكس الألمانية.

اللافت أن الجائزة التي منحت للرئيس السنغالي حول السلام والحوار في ألمانيا كانت السلطات السنغالية تمارس نقيضها على أرض الواقع في دكار من خلال قمع السلطات لأي مظاهرات للمعارضة بقيادة الرئيس السابق عبد الله واد الذي تشهد علاقته بالرئيس صال توترا كبيرا.

في مقابل صورة رجل السلام والحوار التي تسعى الجائزة الألمانية التي تسويقها عن الرئيس السنغالي مكي صال تتدوال وسائل الإعلام الدولية صورة الواقع حيث فرقت الشرطة في دكار تجمعا محظورا للمعارضة احتجاجا على (تقييد الحريات)، وقامت بحملة اعتقالات واسعة ومنعت قيام تظاهرات مماثلة.

وهذا الأسبوع وفي محاولة لاختبار واقعية منح الرئيس السنغالي جائزة السلام والحوار حاول الرئيس السابق عبد الله واد تنظيم مظاهرة في العاصمة دكار، واندفع بسيارته الرباعية الدفع المحاطة بحراسه الشخصيين، لتخترق حاجزا للشرطة وتدخل وسط ساحة التظاهرة في حي شعبي بدكار. ووقف الرئيس السابق في السيارة ليظهر من خلال فتحة السقف للحظات قبل أن تغادر السيارة مسرعة إثر تعرضها لرشقات غاز مسيل للدموع، وتم توقيف العديد من المعارضين خلال التجمع الذي فرقته الشرطة مستخدمة الغاز المسيل للدموع.

إذن هكذا يكون الحوار تحت وقع الغاز المسيل للدموع والاعتقالات والقمع للاصوات المعارضة، وهو بدلا من أن يجد التنديد الدولي الواسع ينال الجوائز الدولية والتقريظ، فرئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أشادت بـ (شجاعة) السلطات السنغالية في القيام بالإصلاحات الضرورية كي تصبح السنغال من البلدان الصاعدة اقتصاديا.

ولكن لتعلم السيدة لاغارد أن الجائزة ليست اقتصادية بل هي سياسية، وذهبت لمن لا يستحقها.
[/JUSTIFY]