الهدر الهائل
وهذا الاتفاق على أهميته، فهو لا يعدو كونه جزءاً من اتفاق شامل ينتظر الأطراف سرعة التوصل إلى توافق حوله، حتى لا تصبح المحاثات التي دخلت عامها الثاني عقيمة كما وصفتها وكالة الصحافة الفرنسية التي كانت توصف الواقع حتى قبيل الاتفاق بين سلفا ومشار.
ومنظمة الإيقاد وسيط المحادثات العقيمة هذه فشلت في حمل أطراف الصراع على قبول مقترحات الحل السلمي التي تقدمت بها وفشلت في أن تحوز على ثقة الأطراف المتحاربة.
المؤسف أن وفود التفاوض لأطراف النزاع في جنوب السودان استمرأت عرقلة المحادثات وتطاول أماد التفاوض من جولة إلى أخرى، بل إنها فضلت البقاء في أديس أبابا والتمتع بحياة الرفاهية بينما مواطنيهم يعانون الخوف والجوع والمرض، فدبلوماسيون غريبون تحدثو لوكالة الصحافة الفرنسية في أديس أبابا بأن أعضاء هذه الوفود يتناولون المشروبات الروحية بكثرة، فقد كلفت 20 مليون يورو يمولها الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير، طبعا هذا غير الكلفة الأخرى بأن هذه المشروبات إن لم تذهب بالعقل، فقد تذهب بالكثير من التركيز والصفاء الذهني من أجل إنهاء التفاوض بالتوصل إلى حلول سلمية ونهائية لهذه الأزمة.
الكلفة الباهظة لاستضافة وفود المحادثات العقيمة جعلت الممولين لها يصرخون من كثرة النفقات، كما قال دبلوماسي أوروبي بأنه (الهدر الهائل)، وكانت المحادثات انطلقت ابتداءً في فندق شيراتون الفخم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث كان بإمكان المشاركين تمضية الوقت بين المطاعم والبارات الأحد عشر ومسبح مجهز بمكبرات صوت تحت المياه أو في النادي الرياضي، وتصل كلفة الليلة بنحو 300 دولار. وبعد أن كبرت الفاتورة بشكل خطير طلب من الوفود الانتقال إلى راديسون بلو التي تعد غرفة أقل كلفة بمرتين. لكن الوفود لا تزال تطالب وتحصل على 220 يورو يوميا.
وقال دبلوماسي صاخط للوكالة الفرنسية “فليسامحونا إن كان لدينا الانطباع بأنهم مهتمون بالنفقات اليومية والفنادق الفخمة والبارات مستفيدين من علب الليل في أديس أبابا، وليس بالسلام”. وأضاف “لا يبدون مدركين لمدى خطورة الوضع أو لمسؤوليتهم إزاء الناس الذين يموتون على الأرض. فهم يبدون ازدراءً تاماً لشعبهم”.
إذن بعد الاتفاق الأخيرة هل تتسارع الوتيرة لإنهاء هذه المفاوضات أم أنها ستتواصل بذات الطريقة العقيمة، وتلك النوايا في المنافع الخاصة جدا؟!
[/JUSTIFY]