مقالات متنوعة

حسن إسماعيل : الرجل الذي لم يقل وداعاً

[JUSTIFY]بُعيد انتقالي للكتابة في (الصيحة) بيومين قابلني بلدياتنا (عبد الباقي الظافر) في ردهات صحيفة (التيار) وعاتبني.. الرجل الذي لم يودعنا بمقال.. قائلاً إن الناس درجوا على وداع الصحف التي ينتقلون منها بمقالة ختامية قبل أن يغادروا.. داعبته قائلاً ومن قال إنني من المغادرين.. (التيار) هي التي أبدأ بها تصحف الجرائد اليومية، هي والعزيزة (السوداني)، ثم انساب بعدها لقراءة الأخريات، فأنا بهذا موجود في (التيار) ولن أغادر.

كنتُ قد تابعت عن قرب السلسلة المهمة التي كتبها أستاذنا عثمان ميرغني تحت عنوان (من ضيع السودان) ونشرها في (التيار) وتناسلت الحلقات حتى فاقت العشرين، السلسلة جاءت صادمة لكثيرين من هول المعلومات والمفارقات التي حواها التاريخ السياسي القريب، فطريقة العرض جاءت على منوال صورة الموجات الصوتية التي تكشف للشخص وهو جالس على مقعد وثير خبايا أمعائه يسره ما يسره ويسيئه ما يسيئه، وهو حيران ينظر.

توقعت أن تتوالى ردود الفعل والتعليقات والتوضيحات على هذه الحلقات المهمة التي مست كثيراً من المقدسات والمسلمات عند كثيرين، وقد قمت بنشر بعضها في صفحتي في الفيس بوك ولمست بنفسي سخونة ردود الفعل التي انحدرت لتصل حدود الانفعال واحده من الحلقات المهمة التى توقعت أن ينهض الناس ليتعلقوا بجلباب عثمان ميرغني هي تلك الحلقة التي تساءل فيها عن دور الزعيم إسماعيل الأزهري في التاريخ السودانى غير أنه رفع العلم على الساريه، ثم تلك التي نقل فيها كلمات زعماء الطوائف في حضرة الملك البريطاني وهم يقدمون له صكوك الولاء والطاعة ويطلبون إليه أن يضم السودان إلى مملكته ويجعله تحت تاجه ثم تلك التي عرج فيها لحالة الأمير عثمان دقنة وهو في أسره في حلفا، وكيف أن قادة الأنصار قد تجاهلوه ولم يتوسطوا حتى لإطلاق سراحه.

البعض في صفحتي التي قمت فيها بإعادة نشر تلك الحلقات اتهموا الأستاذ عثمان بأنه يريد أن يبخس التاريخ السوداني وأن يعرضه كصفحات فارغات خاليات من العطاء، والبعض وبدافع الحمية السياسية اتهم عثمان بأنه يريد أن يقول إن السودان (ضايع من زماااان) وأن النخب السياسيه والأحزاب والمؤسسات السياسيه تتساوى جميعاً في دورها السالب في إضاعة السودان والبعض الآخر طلب من أستاذنا أن يتحدث عن المخازي الحديثة، متناسين أن المبحث والتحقيق الذي قام به الرجل هو مبحث في التاريخ وليس في حاضر واقعنا السياسي… المهم

هنالك من أنصف الإمام عبد الرحمن المهدي قائلين إن الرجل وأسرته قد تعرضوا لقهر شديد، وقد سفكت دماؤهم واضطهدوا اضطهاداً شديداً وكان على عاتق الإمام عبد الرحمن أن يغير أسلوب المواجهة إلى منهج التعايش حتى يحافظ على بقية شوكة الأنصار، وأنه كان محاصراً ومضيقاً عليه عندما كان الأمير عثمان دقنه في الأسر ولم يكن في وسعه تقديم يد العون له وأن الذي يريد أن يقيم دور الرجل فعليه أن يقرأ دوره من كل الزوايا ونشاطه الإقتصادي والزراعي الذي نجح بموجبه في إحياء عدد كبير من الحواضر والقرى والمشروعات التي عاشت الكثيرين، وكيف أنه حول الأنصار من قوة مقاتلة عسكرية إلى مجاميع مدنية تتعايش مع الآخرين تقبلهم وتتشارك معهم.. نواصل[/JUSTIFY]