الوعي المفقود ..!!
:: ومع الكتب والدفاتر والأقلام، يحرص التلميذ الياباني على أن تكون فرشاة أسنانه في حقيبته المدرسية، ليستعملها عقب إفطاره وبهذا يكون قد تعلم الحفاظ على صحة وسلامة أسنانه..وعلماً بأن مدير المدرسة والأساتذة يسبقون تلاميذهم بنصف ساعة في الأكل من ذات المائدة المعدة للتلاميذ، ولا يفعلون ذلك إلا ليتأكدوا – بالتجريب على أنفسهم – من سلامة ونظافة طعام تلاميذهم، وهذه مادة – عملية – يمكن تسميتها بالتضحية..ومع عمال النظافة، يشارك المدير والأساتذة والتلاميذ في نظافة مدرستهم لمدة ربع ساعة يومياً، ومن هنا يتعلم التلميذ التواضع ثم الحرص على نظافة مدرسته ..!!
:: ولهذا، أى بهذا التعليم المثالي، يكتسب الشعب الياباني وعياً يسمي عامل النظافة ب ( مهندس الصحة)، ويُكافأ براتب يُمكنه من العيش كالآخرين بلا متاعب..ومن الوعي أيضاً، لايستخدم الياباني الهاتف السيار في المركبات و الأماكن العامة، وهذا لم يحدث بالمحاذير و الملصقات والعقاب، بل يمتنع عن الإستخدام بالفطرة السوية التي شكلتها التربية والتعليم في طفولته..وبالمطاعم، لايطلب الياباني من الأكل والشرب إلا ما يسد بهما (جوعه فقط)، ويحرص أن ينهض من المائدة تاركاً النظافة كدليل على أنه لم يطلب إلا ليأكل، وليس ليرميه في ( القمامة)..وإذا تأخر القطار عن إحدى المحطات خمس دقائق فقط لاغير، فهذا حدث يُستدعى المساءلة ومعرفة الأسباب وعلاجها ..!!
:: والمهم..فالصديق صاحب الرسالة التي تُلخص أسباب نهضة اليابان، هو ذات الصديق الذي أرسل مُعاتبا على زاوية الأمس التي عرضت فيها رفض وكيل وزارة المالية على تنفيذ نص قانوني يُمكن الاتحاد السوداني للبلياردو من تخليص معدات رياضية بلا رسوم جمركية..فالصديق يسأل معاتباً : ( ياخ الناس في شنو و اتحاد البلياردو في شنو؟، هسع دي قضية؟)..للأسف، كل كوارثنا شرارتها الأولى هي ( هسع دي قضية؟)، أي إستستهال بعض الأمور بمظان أنها من الصغائر..ولذلك، إستسهال مخالفة مسؤول بحجم وكيل وزارة المالية لنص قانوني ( ما قضية)، وكذلك تعطيل ثم إلغاء منافسة إقليمية تشارك فيها الدول العربية (ما قضية)..والأدهى والأمر، حسب معيار هذا الصديق، كل قضايا الآخرين ما لم تكن قضيتك أنت شخصياً في متنها أو فى إطارها ( ما قضايا).. وعليه، يبدو أن البلاد بحاجة إلى رياض أطفال يابانية لنتعلم جميعاً ثقافة التعامل مع الآخر بوعي، وإحترام قضيته..!![/JUSTIFY]