عثمان ميرغني

علي كرتي.. خطبة الوداع!!

[JUSTIFY]
علي كرتي.. خطبة الوداع!!

الحمد لله أخيراً شهد شاهد من أهلها.. منذ سنوات طويلة ظللت أكتب في حديث المدينة، أن كل مشاكلنا الخارجية سببها مشاكلنا الداخلية..

وقلت إن حل مشاكلنا مع المجتمع الدولي ليس في جنيف أو نيويورك.. بل هنا في السودان، لأن المجتمع الدولي عامة والدول الكبرى خاصة لا (يستهدفوننا!!) كما ندعي.. وليسوا وراء مشاكلنا كما نروج.. بل نحن الذين نستهدف أنفسنا.. ونحن الذين نصنع مشاكلنا.. ثم لا ننفك نعقدها بأعقد ماتيسر..

أمس الأول الأستاذ علي كرتي، وزير الخارجية السودانية.. تحدث أمام المجلس الوطني (البرلمان).. وأقر بما كررناه كثيراً وعلى مدى سنوات.. قال إن الوضع الداخلي في السودان هو سبب أزماتنا الخارجية.. واعترف (بعضمة لسانه) أن العالم لا يستهدفنا ولا يحزنون..

وللبرهان على ذلك.. سرد وزير الخارجية بعض الأمثلة.. أحداث داخلية تدفع ثمنها وزارة الخارجية جهداً ومالاً ورهقاً كبيراً لاقناع العالم بتبريراتنا.. ونحن أكثر حاجة بمن يقنعنا بها.

وبعد أن ارهق الوزير نفسه في الشرح لنواب البرلمان، قال إنه يحتاج إلى (يوم كامل) ليسرد كل ما تعانيه سياستنا الخارجية من الأوجاع الداخلية.. ووعده رئيس البرلمان بعودة مرة أخرى في (يوم مفتوح) للبكاء على أطلال علاقتنا الخارجية.. على حائط مبكى البرلمان..

الأمر لا يحتاج إلى بطل.. ليكتشف أننا لن نخرج من نفق العلاقات الدولية المتأزمة طالما أننا نظن أن حكاية سفر الوفود إلى جنيف ثم الفرح لحد البهجة بالخروج بالكاد من البند الرابع إلى البند العاشر.. هو إنجاز يستحق أكاليل النصر..

نحن في حاجة لممارسة سياسة الـ(غلاسنوست).. والكلمة تعني (سياسة الشفافية).. مزيد من الصراحة مع الذات.. لأن التعمية المستمرة التي أدمنتها الحكومة هي التي أورثتنا كل هذا الهوان الدولي.

حقوق الإنسان مطلوبة هنا في السودان.. وليس في جنيف أو نيويورك.. ومهما افترضنا أننا دولة (مستغنية عن العالم) فإننا نناقض أنفسنا عندما تتقاطر الرجاءات إلى أمريكا بطلب تطبيع العلاقات.. وعندما نتسول الدول الكبرى (فيتو) يخرجنا من شر نوايا مجلس الأمن بنا..

صراحة الوزير كرتي تجاوز الخطوط الحمراء، عندما قال إن استثمارات روسيا في السودان (لا تذكر).. وإن الفيتو الروسي أو الصيني ليس معروضاً في (ٍسوق الله أكبر) على ذمة العواطف الدبلوماسية المتبادلة (التعبير من عندي).. وهذا رد مباشر على الأخبار المهولة و(المنفوخة) التي بثت عن منتدى الحوار الروسي العربي الذي انعقد قبل أيام في الخرطوم.. وحاول البعض تصوير روسيا وكأنها ترمي بثقلها خلف السودان..

صحيح أن السودان يأمل في (سند روسي) يواجه به إرهاصات عقوبات أممية جديدة.. لكن السؤال العفوي (بأمارة ايه؟؟) لماذا تدافع عننا روسيا إذا كانت مصالحها عندنا (لا تذكر) على قول وزير الخارجية.. وحتى لو كانت (تذكر) فهي هي كافية لتقايض بها علاقتها مع الغرب وأمريكا بالتحديد..

على كل حال.. يبدو أن كرتي كان يلقي في (خطبة الوداع)..!!
[/JUSTIFY]

عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]