جمال علي حسن

الأيدز ومجهولو الأبوين.. و”النفخة” الكاذبة

[JUSTIFY]
الأيدز ومجهولو الأبوين.. و”النفخة” الكاذبة

الذين يصفون الدعارة بأنها ظاهرة جديدة كلياً ودخيلة وغريبة على المجتمع السوداني يحاولون دفن رؤوسهم في الرمال، فالدعارة والفساد الأخلاقي لا يلخو أي مجتمع إنساني من وجودهما، وهي والأقبح منها، تلك الظواهر موجودة في السودان منذ قديم زمانه..

والذين يطالبون بعدم توفير وسائل المكافحة مثل الواقي الذكري في الصيدليات، أو نظرة الإدانة التي قد يلقيها الصيدلي للشخص الذي يطلب شراء هذه السلعة، هؤلاء هم المسؤولون عن التقصير الذي يجعل أرقام انتشار الأيدز المرصودة في ولاية الخرطوم ترتفع وتصل إلى عشرين ألف حالة إصابة، وهم المسؤولون عن التقصير عن الدور المطلوب من الدولة والمسؤولين في العمل على التقليل من اكتظاظ دار الأطفال مجهولي الأبوين في المايقوما.

لا مجال للتعامل مع هذا الواقع ومعالجة تلك الظواهر إلا بقدرٍ عالٍ من الوعي الذي من المطلوب أن يتوفر أولا عند الدولة ووزارة الصحة والمؤسسات المعنية قبل أن نرجوه بعد ذلك عند المواطنين.

الخيار الأسهل لمن ينوي ارتكاب الخطيئة أو هذا الفعل الفاحش، خياره الأقرب والأبعد من عيون الناس هو عدم البحث عن وسائل الوقاية تلك أو موانع الأضرار الصحية الوخيمة التي يعرض نفسه لها أو الأضرار الأخرى الاجتماعية التي يتسبب بفعلته تلك في إحداثها للمجتمع حين تحبل شريكته في ذلك الفعل، ثم نعثر على طفلها ميتاً أو حياً تركته على الرصيف.

لا يجب أن تحدثنا وزارة الصحة بلغة (النفخ والانتفاخ الوهمي) على أننا شعب منزه عن الأخطاء ومبرأ من العيوب أو أننا مجتمع مثالي لا يفعل الخطيئة بتلك النسبة التي تستدعي التحسب لنتائجها.

وكيل وزارة الصحة تحدث العام الماضي في إحدى الورش قائلا بالنص “إن نسبة الإصابة بمرض الأيدز في السودان لا تستدعي استخدام الواقي الذكري”.. ولعله كان يحاول أن يقي نفسه من الاتهام المتطرف بأنه لو قال غير ذلك يعتبرونه شخصاً فاسداً يدعو للانحلال ويساعد على نشر الفاحشة وهذا الاتهام قد يهدد مقعده الوظيفي.

لن تحاربوا الأيدز في السودان طالما أن قيادات منكم لها كلمتها المسموعة لا تزال تطالب بعدم توفير أي نوع من الوقاية حتى لا تعين تلك الوسائل من ينوي ارتكاب خطيئة الزنا، لأن إصابته بالأيدز حسب فهمهم هي العقوبة المناسبة التي يستحقها ويجب أن ينال جزاءه.. وكأنهم يغلقون باب التوبة ويحتفظون بمفاتيحه في (الدولاب).

لن تتناقص أعداد ضحايا الخطيئة من الأطفال مجهولي الأبوين طالما أن تلك النظرة هي التي تسود وتسيطر على سياسات الوقاية والمكافحة، وطالما أن الجرأة والموضوعية هي السلعة المعدومة والمنبوذة في ساحتهم.

من يعتبرون أن الأيدز في حد ذاته يكفي كمرض لتخويف من غالبته غريزته ونوى ما نوى، فإن أولئك يخاطرون بسلامة المجتمع، والدليل على ذلك أن حديث وكيل الصحة الذي أدلى به العام الماضي لن يستطيع ترديده هذا العام، بعد أن تصدرت أنباء ارتفاع نسبة الإصابة بالأيدز في الخرطوم عناوين الفضائيات الإخبارية والصحف قبل يومين.

انتظروا قابعين على تلال الأوهام حتى يأتي اليوم الذي يتصدر فيه السودان قائمة الدول الأعلى إصابة بهذا المرض في العالم وتدخل دار المايقوما موسوعة جينيتس للأرقام القياسية.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي