عبد اللطيف البوني

شتاء خارجي..صيف داخلي

[JUSTIFY]
شتاء خارجي..صيف داخلي

الواضح أنه كلما شعرت الحكومة بانفراج في علاقاتها الخارجية ابتعدت عن الحوار الداخلي فيبدو أنها ترى أن معارضيها في الداخل من الضعف بمكان أن ينالوا منها وأن الخارج ممثلاً في مستوييه الدولي والإقليمي هو القادر على أن يسبب لها الأرق والخلخلة وقلع الضرس وأن المعارضة الداخلية بدون دعم خارجي كبير ومباشر يبدأ بالدولي ثم يمر بالإقليمي لن تحرك شعرة منها والأهم من كل ذلك يبدو أن الحكومة ترى أن التوافق مع المعارضة الداخلية لن يفيدها في شيء إنما الخارج هو القادر على إحداث الفارق بلغة الرياضيين.
لا أظن أننا في حاجة لكثير جهد لإثبات ما ذهبنا إليه في الرمية أعلاه ودونكم مسيرة الحوار خلال هذ العام ابتداء من خطاب الوثبة في يناير إلى يوم الناس هذا ففي ذات الشهر شهر الوثبة كانت الحكومة في خطابها وفي تصرفاتها تجاه المعارضة قريبة جدًا من التفاهم الإيجابي مع معارضيها وخطاب الوثبة تجاوز مرحلة طرح المبادئ إلى طرح أفكار تنم عن استعداد للمراجعة وانتهاج نهج جديد نحو السلام والحرية والتنمية والهوية وساعتها كانت العلاقات الخارجية لاتتسم بالثبات فمحور الرياض / القاهرة في أشد حالات عدائه للسودان لدرجة أن المعاملات البنكية بين السودان والسعودية قد توقفت وكانت هذه آخر وأقوى وأضيق حلقات الحصار الاقتصادي ولكن بعد رحلة الحج ثم اللقاء المباشر بين الرئيسين والسيسي والبشير صعرت الحكومة خدها للحوار الداخلي فجاءت المائدة المستديرة في يوليو أقل حماساً من خطاب الوثبة.
في أديس أبابا وافقت الحكومة على وثيقة 7+7 مع أمبيكي وهي اعتراف غير مباشر بالجبهة الثورية وجاء أمبيكي للخرطوم وقابل السيد رئيس الجمهورية الذي أعطاه إشارة خضراء فطاف على كل ألوان الطيف السياسي في البلاد ورفع تقريراً لمجلس الأمن قال فيه إن السودان مقدم على حوار داخلي جاد ولكن في الجولات الاديسية الأخيرة غير السودان موقفه من الوعد الذي أعطاه لأمبيكي فإذا نظرنا للذي جرى على الجبهة الخارجية نجد أن السودان قام بهجمة مرتدة في مسألة تابت كما أنه استضاف جلسة منتدى الحوار العربي/ الروسي فجاء سيرجي لابروف للسودان مع لفيف معتبر من وزراء الخارجية العرب وفي نفس الوقت اجتمع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الخرطوم ويبدو أن الأمور سلكت مع روسيا لدرجة أن مندوب روسيا في مجلس الأمن قال لأعضاء مجلس الأمن (لاتضيعوا وقتنا في الفارغ لا توجد قضية في تابت).
تخطئ الحكومة إذا ظنت أن الخارج يغنيها عن الداخل. نعم قد تكون المعارضة الداخلية من الضعف بمكان ولكنها السبيل الوحيد للانفتاح على الشعب ولتحقيق المشاركة السياسية ثم أن المعارضة المسلحة لن تتأثر كثيرًا بالانفتاح الخارجي لعلاقات السودان لأن داعميها لن يكفوا عن دعمها وستظل تستقطب المعارضة الداخلية فمن الأوفق للحكومة أن تستفيد من هذه الطرواة الخارجية لمزيد من الانفتاح الداخلي حتى تتقوى الجبهة الداخلية لأنها الأدوم ولأنها هي التي في اليد ولأنها هي التي يمكن الرهان عليها فالجبهة الداخلية ثم الجبهة الداخلية.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]