مخروقة سيد أحمد

يقدل فوق عمر النبوة بنشوة وأمل ويقتحم السبعين في عقر كبريائها متوكئا على سبعة عقود من الحل والترحال والقصص الجميلة والمواقف.. يحمل روح شباب ما قبل الخمسين كما العباسي في شطرته الأثيرة.. يا بنت عشرين والأيام مقبلة ماذا تقولين في موعود خمسين و.. و.. هو بامتياز فاكهة مجالسنا بحيث لا تستطيع في حضرته إلا أن تكون مستمعا جيدا و.. و…

بالأمس ذهب خالنا سيد أحمد علي فضل السيد إلى أحد المستشفيات، وهو يشتكي من ألم في أعلى رجله.. وبعد صور الأشعة شخص الطبيب حالته بأنه يعاني من خشونة في عظمة (المخروقة) ولابد من استبدالها وتركيب أخرى بديلة.. وبعد تقريش العملية من قبل قسم الحسابات بلغت كلفة تركيب مخروقة جديدة ما يقارب الثلاثين ألف جنيه.. ذهب سيد أحمد في ضحكة مجلجلة وسط دهشة الأطباء، وهو الذي بالكاد يحرز قوت يومه.. فقال للطبيب أنا لم يبق لي إلا بعض الوقت.. وهل يمكن لأولادي من بعدي الاستفادة من (اسبير المخروقة).

هذه.. أم أنها استخدام لشخص واحد ولا تصلح كسكندهاند!! قال الطبيب إنها لا تصلح لشخص آخر.. قال.. من ناحية حسابية بحتة.. حتى لو غيرتها فلم أقو بمخروقتكم الجديدة إلى جمع هذا المبلغ.. أحتاج إلى قوة خارقة أخرى مع المخروقة لأتحصل على ثمنها.. ثم (صنفع ودنقر) ثم رفع رأسه قائلا.. أقولك يادكتور اعطني بعض المسكنات والباقي على الله!!

جاءني من عيادة الطبيب مباشرة ليحكي لي هذه القصة، وهو يضحك ملء فيه.. قال تكفيني عصاي هذه أتوكأ عليها وأهش بها على همومي و.. و..

فسردت له بعضا من قصص الطب الاستثماري بغرض العزاء.. فقلت له إن مخروقتك هذه في حالة أجريت عمليتها قد تعمل لبعض الوقت.. لكن ماذا تقول في عمليات تجرى بعشرات الملايين ثم يموت المريض، فيكتب الطبيب (الاستثماري).. معذرة الاستشاري.. تقريره الجهير (بأن العملية قد أجريت بنجاح لكن قد مات المريض) !! وهو يعلم مسبقا أن هذه العملية من الخطورة بمكان.. فبدلا من أن تترك هذه الفلوس للأرامل والأيتام فإنها تذهب إلى هذه الفنادق الطبية مع سبق الترصد والإصرار الطبي..

* لا نملك أيها الخال العزيز إلا أن نقول لك (الجاتك في مخروقتك سامحتك).. واعلم أن للدهماء رب يشفيهم بأقل الأسباب.. فكم من مرض يشد له المترفون الرحال إلى العواصم الأوربية عبر صالات كبار الزوار ودرجات رجال الأعمال وينفقون له كرائم العملات الصعبة.. لا تتعدى في المقابل كلفة علاجه عند البسطاء خمسة جنيهات قيمة خلطة أدوية بلدية من القرض والمحريب والقنقنليز.. لأن الشفاء من الله تعالى، ولن يترك الغفور الرحيم عباده المعدمين لعدمهم وعوزهم.. إنه ولي ذلك والقادر عليه ..