انت زعلان ليه يا فادني ..!
في الطائرة من أديس حيث “السوق السياسي السوداني الكبير” قبل أيام، كان رفيقي شاب قيادي وسياسي يتوهج ذكاء وحماساً و”قدرة على التدمير!”، ألا وهو كادر المؤتمر الشعبي أبورباني محمد عباس الفادني، تم اعتقاله وعمره 17 سنة وخرج بكسر اثنين من أضلاعه، أنا أتوقع أنها في مشادة لأنه مسخن شديد، ثم تم اعتقاله في العام 2004 بعد أن قاد مظاهرات جامعية صاخبة أدت لاحتلال الجامعة ثم قرر هو و”عصابته” إغلاق الجامعة بالضبة والمفتاح، وفعلاً حرضوا الطلبة في ركن نقاش على جمع أموال لشراء الأطواق والطبل والجنازير واشتروها وقفلوا الجامعة وأخذوا المفاتيح وذهبوا، وتم اعتقاله والإفراج عنه.
قصصه مستمرة في فترة الرحلة، وآخرها تأييده لغزوة خليل لأمدرمان وتوزيع بيان في ذلك، وتأليف قصيدة صارت الآن من أدبيات حركة العدل والمساواة. واعتقل بعدها وتم إطلاق سراحه بعد لحظات … ربما سئموا منه ومن زياراته المتكررة …!
قلت له والطائرة تدك بإطاراتها مدرج الهبوط في مطار الخرطوم … ياخ أنا يدي في قلبي الرحلة كلها … خايفك تقوم تختطف الطائرة..!
لم أجد في تاريخه نقطة بيضاء أو لحظة هادئة سوى لحظة تخرجه وامتحانه المعادلة وامتهانه المحاماة …. كل حياته صخب سياسي ..!
أبو رباني … مثل كل كوادر المؤتمر الشعبي … كانت تتحدث عن إسقاط النظام بثورة شعبية أو حتى مسلحة ولكنهم الآن لا يرون دربا آمنا سوى “الحوار” و”المائدة المستديرة” و عند بعضهم “الوحدة الإسلامية”!
طيب يا فادني انت مكسر ضلوعك فوق كم؟!
أمضي معكم لأبعد من ذلك، في أديس كان آخر شخصين التقيتهما هما مريم الصادق وياسر عرمان وجرت مناقشات ولا أقول “مناوشات” عن الإعلام السوداني واتهامهما له بانحيازه للحكومة، وما أن عدت إلا وأبلغت بأن هنالك اجتماعاً في القصر مع عبد الرحمن الصادق … وذهبت من الجبهة الثورية للحكومة ومن الأخت للأخ ومن الشقيقة للشقيق … وأنا مذهول وفاغر فاهي … ذات الوجه الصبوح والابتسامة ونبرة الصوت “الصادقية” … تغمض عينيك تشعر أنك مع الصادق في نسختين ..!
القاعة التي جرى فيها اللقاء آخر مرة دخلتها في عهد “مني أركو مناوي” والتقيته مساعداً لرئيس الجمهورية وقتها. وقبل أيام في أديس احتسيت معه فنجان قهوة، ومعنا د. ترايو وأحمد تقد، رجل الأعمال السوداني آدم سوداكال، كان لقاءً عارضاً ولكنه مع ثلاثة متمردين ووسيط سلام ..!
وأنا خارج من الاجتماع مع الصادق، على درجات السلم وفي الطريق للبوابة الغربية، أسأل نفسي … كم مرة صعد هذه السلالم ياسر عرمان، بالتأكيد أكثر مني؟! وكم مرة دخلها قرنق ورياك مشار، والصادق المهدي رئيساً للوزراء، وقبلها مصالحاً للنميري وبعدها في زيارة للبشير … أكثر مني بالتأكيد، و كم مرة منصور خالد؟! أو فليكن السؤال عن الفترات الزمنية في الدخول؟! في عهد النميري وفي نيفاشا وبعدها … لقد مر بفترات زمنية أكثر مني … في اتفاقية أديس أبابا كان منصور خالد “نمرة واحد” وكان البشير نقيب في الجيش السوداني على خط بارليف اسناداً للجيش المصري!
طيب … يا أبو فادني … انت مكسر ضلوعك في شنو بالتحديد؟! خلي الناس ديل يطلعوا ويمرقوا، ويجوا تاني، على راحتهم، شوف ليك استشارات تجارية لي شركات أو بنوك وانتهي من القصة دي ..!
[/JUSTIFY]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني