سياسية

حدث قاعة الصداقة .. ما سقط سهواً

هناك روايات عديدة عن الحادثة التي تمت في مفتتح اعمال جلسة التخطيط الاستراتيجي بقاعة الصداقة بحضور الرئيس البشير يوم الاثنين الماضي، الروايات الكثيرة لا يضاهيها الا اسم الحادثة نفسها، بعضهم سماها حادثة المنصة في استدعاء غير لائق لما جرى للرئيس المصري الراحل انور السادات، وبعضهم اطلق عليها حادثة القاعة، واخرون نعتوها بحادثة آختراق الاجراءات الامنية.
الراجح من شهادات بعض الحاضرين داخل قاعة الصداقة هو ان قلة قليلة جدا من الحضور (تكاد تحسب على اصابع اليد الواحدة)هي التي شاهدت ما بدر من المواطن عادل فتح الرحمن تجاه المنصة، اما الباقون فكانوا مجرد رواة في سلسلة السند، ففي اللحظة التي تحرك فيها عادل كان الحاضرون قد اتجهت ابصارهم الى اسفل للجلوس على المقاعد بعد ان وقفوا تحية للنشيد الوطني.
محاولة العثور على خبر عن ملتقى التخطيط الاستراتيجي في صباح يوم الثلاثاء الذي تلى الحادثة واليوم الذي بعده، كانت قريبة من محاولة العثور- في ذات اليومين- على ناجين من زلزال هاييتي.. انه مثال سافر كما اشار الزميل عبدالماجد عبد الحميد بالزميلة الانتباهة الى كيف ان التفاصيل الصغيرة تجني احيانا على المشاريع الكبيرة التي يتداعى لها الخبراء بالسهر والبحث والتنقيب.
لعنة التفاصيل ليست عبارة حصرية على اتفاقية السلام، ولكنها قد تصبح احدى لوازم جلسات المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي..قبل ثلاثة اعوام وتحديدا اواخر العام 2007 أقدمت سلطات الأمن والمراسم التي انيط بها تنظيم الجلسة الافتتاحية للمجلس على حرمان مسؤولين ووزراء من الوزن الثقيل من الدخول الى قاعة الصداقة – مقر انعقاد الجلسة الافتتاحية – بعد ان دخلها الرئيس ولم يلتزم السادة المسؤولون بالوصول في الزمن المحدد.
كان على رأس قائمة الممنوعين مني اركو مناوي كبير مساعدي رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الانتقالية لولايات دارفور ود. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية، ود. لام اكول اجاوين وزير الخارجية حينذاك، ووزير الاعلام والاتصالات الزهاوي ابراهيم مالك، ووزيرالارشاد والاوقاف د. أزهري التيجاني، ووزير البيئة أحمد بابكر نهار.
ولقى بعض الولاة ذات المصير مثل والي الخرطوم عبد الحليم اسماعيل المتعافي، ووالي الجزيرة عبد الرحمن سر الختم ووالي القضارف عبد الرحمن الخضر(وكلهم غادر منصب الوالي الى جهة اخرى)، وبعد هذا الاجراء الصارم قال الاستاذ علي عثمان محمد طه عبارته الشهيرة «ان منع المساعدين والوزراء والولاة من الدخول وفق البروتوكول يعتبر من أولى خطوات تنفيذ الاستراتيجية والمتمثلة في الانضباط بالزمن»..ومباشرة كان الجدل قد طغى حول توصيف ما تم بأنه انتصار من رجال المراسم للبروتوكول، او انه قسوة في معاملة الوزراء والدستوريين.
المهم انه بين افراط الجهات المختصة في جلسة العام 2007 وتفريطها يوم الاثنين الماضي غرقت اعمال مجلس التخطيط الاستراتيجي في شبر شائعات وروايات ضعيفة واستدلالات سقيمة، انشغلت كلها عن الخطط والبرامج التي ترتكز عليها الدولة والوطن الى(ونسة) يلتذ بها الفارغون في الجلسات الفارغة.
الاخبار المدعومة بوثائق نشرتها كثير من الصحف تشير الى ان عادل يعاني من مرض نفسي، ويتلقى العلاج على يد احد الاطباء المختصين..وريثما يعود الى عادل كامل وعيه العقلي، فإن سؤالا مهما ومنطقيا يطرح نفسه بكل براءة: متى يعود العقل الجمعي الذي يجعلنا نفكر في التخطيط الاستراتيجي، ونحيل موضوع عادل الى مجرد حكاية على هامش اعمال الملتقى، وفي ذات الوقت نترك للجهات المختصة فضيلة التدبر في كيفية تأمين الشخصيات الرسمية بصورة لا تعيد انتاج حالة مشابهة.

مالك طه
صحيفة الراي العام

‫2 تعليقات

  1. السؤال الاكثر أهمية ما علاقة واحد يعاني مرض نفسي بالاستراتيجية والتخطيط ؟؟؟؟