عبد الجليل سليمان

فرصة منبر أديس الذهبية

[JUSTIFY]
فرصة منبر أديس الذهبية

تُبتدر مجدداً بأديس أبابا المفاوضات بين الحكومة وحركات درافور بواسطة أفريقية يقودها الرئيس (ثابو مبيكي)، هذه المفاوضات ليست امتداداً لمنبر الدوحة الذي فشل في تحقيق سلام كلي في دارفور، وهذا ما حذرنا منه غير مرة، إذ أشرنا إلى أن الخطأ التقني والمنهجي الذي ظل يرتكبة فريق الحكومة المفاوض باتخاذه (مبدأ التجزئة) في التوقيع على كافة الاتفاقيات بينة وبين الحركات المسلحة خاصة الدرافورية، فكان أن وقعت مع حركة تحرير السودان (جناج مني) في أبوجا اتفاقاً تحدثت عنه وكأنه فتح عظيم، لكنه سرعان ما انهار وها هي تفاوض (مني) مجدداً، ثم وقعت اتفاقاً آخر مع (نُثار ملموم) من الحركات تحت مظلة (حركة التحرير والعدالة) وروجت على أنها بهذا الاتفاق أغلقت منبر التفاوض مرة وإلى الأبد، وهذا ما ظل يردده زعيم المُفاوضين الحكوميين (أمين حسن عمر) في غير مناسبة. وعلى كلٍّ، لن يُحسم أمر التفاوض حول قضية دارفور ما لم تجلس الحكومة إلى كل الفاعلين على الأرض (قلّوا أم كثروا) حُزمة واحدة، هذا أولاً، ثم تُخفف قليلاً من تماساتها مع المُنظومات الأُممية العامِلة في السودان كـ (يونميد) وخلافها، كما ينبغي عليها أن تسترشد بخطاب إعلامي معتدل ومتوازن ومهني يتيح مساحة لنشر آراء الطرف الآخر من باب (تليين) المواقف وإبداء حسن النيّة، خاصة وأن المواطن صار لا يحفل ولا يأبه بمثل هذه المفاوضات (السرمدية الخالدة) ويعدا محض (لعبة سياسية) لا تحقق إلاّ مصالح طرفيها فقط (نعقد لتنفض، وتنفض لتنعقد مجددداً) وهكذا دواليك.

وفي السياق هذا، فإن الناظر لورقة (مني أركو مناوي) المسومة بـ (بيان جيش وحركة تحرير السودان)، التي قدمها إلى الجلسة الافتتاحية التي انعقدت بأديس أبابا 23 نوفمبر 2014م، لا يمكن لعينيه أن تخطئا بعض المرتكزات التي طرحها كقاعدة للتفاوض وأهمها دعوته وتأييده (بشدة) بحسب البيان، للمشاركة الفعالة للقوى الإقليمية والدولية، بجانب مساهمة جامعة الدول العربية في مفاوضات سلام درافور، من أجل حماية المدنيين العزل وإحلال السلام. البيان أثنى على دور الوسيط القطري وجهده، لكنه عدَّ منبر الدوحة فشل في تحقيق السلام، لذلك ناشد (مني) قطر بالمساهمة في تنسيق جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

يفهم من ذلك، أن دور قطر انتهى تماماً ولم يعد مطلوباً ولا ضرورياً، لذلك فإن بعض صحف الخرطوم وكتابها الذين ينادون بالعودة إلى منبر الدوحة إنما يبددون جهدهم وطاقتهم ووقت القراء في لا شيء، خاصة وأن طاقم الحكومة برئاسة (أمين حسن عمر) تراجع عن تشدده السابق في أن الدوحة هي آخر المنابر الخارجية للحوار مع الحركات الدارفورية، وإن من فاتته الدوحة فعليه أن يأتي للخرطوم.

بالطبع هذا التراجع يجعل الأرضية التي تتحرك عليها الحركات أكثر صلابة من ذي قبل، لكنه أيضاً تراجع عقلاني ومطلوب إذ أنه قد يفضي إلى اتفاق حقيقي ونهائي، إذا ما تم بناء الثقة بين الطرفين، وهذا ما أشار إليه بيان (مني) آنف الذكر، إذ قال بالحرف الواحد مخاطباً وفد الحكومة “علينا أن نتحلى بالحكمة وأن نضع جميعنا في الاعتبار أنه ينبغي علينا إما أن نتحرك معاً أو سيهلك السودان إذا ما اتخذ موقف المؤتمر الوطني أي مواقف غير عقلانية”. وعليه، فإن هنالك فرصة ثمينة لإيقاف الحرب والتفرغ للبناء والتنمية، فلا ينبغي التفريط فيها من

أجل مكاسب سياسية آنية.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي