نجاح «الداخل» يقود إلى نجاح «الخارج»
بعكس التشاؤم الذي يلف التوقعات بنجاح جولات التفاوض بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، ومع شبه اليقين بأن تلك الجولات لا طائل من ورائها، وقد كان هذا رأينا منذ بداية جولات التفاوض، إلا أن توقعاتنا بنجاح التفاوض مع حركات دارفور كبيرة ونتفاءل كثيراً بأن يصل المتفاوضون إلى نتائج مرضية للشعب السوداني قبل أن تكون مرضية لطرف من الطرفين.
مؤشرات النجاح قابلة للصعود إلى أعلى، أكثر من قابليتها للهبوط إلى أدنى، رغم حقل الألغام الذي قد تضعه أطراف خارجية، وتسهم بعض الأطراف الداخلية في توسيع مساحته.
نعم.. نتوقع أن يتدخل البعض لإثناء الحركات عن الحوار، أو لـ(تهييج) المشاعر وإستثارة الحس الوطني الدارفوري، من خلال قضايا مختلفة، ومدموغة بشهادة أممية، مثل أحداث (تابت) ومزاعم جرائم الإغتصاب، فهناك من خطط ويفكر ويدير ولا يريد للأوضاع أن تستقر في دارفور، وهناك من يسعى إلى قيادة الأمم المتحدة ممثلة في مجلس الأمن إلى اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يخول لقوات الأمم المتحدة التدخل في حالات تهديد السلم والاخلال به! ووقوع العدوان، ويعطي الحق لمجلس الأمن لإتخاذ التدابير التي تخوله إستخدام القوة المسلحة في تنفيذ قراراته.
ستتسع دائرة التآمر أكثر مما هي عليه الآن، ومع ذلك فإن دوائر التفاؤل تتسع أيضاً، لأن قيادات الحركات الدارفورية المسلحة- الآن- وعت الدرس تماماً، و هو درس (الاستغلال) الذي وجدت أنها مجبرة من خلاله على خدمة أجندة الحركة الشعبية قطاع الشمال، ثم (الإبتزاز) من قبل تلك الحركة الشعبية شمال التي توفر الأرض وتحمي خطوط الإمداد للحركات الدارفورية التي تحمل السلاح.
الحركات الدارفورية على صلة مع بعض القوى السياسية في الداخل، وقد أدت هذه الصلات الكثير من قادة تلك الحركات إلى طاولات الحوار، ليوقع عدد منها على إتفاقية سلام دارفور، والتحقت الكثير من الحركات بركب السلام، وهذا هو مبعث التفاؤل في أن يكون للقوى السياسية بالداخل تأثيراتها على الحركات المسلحة حتى تنخرط في عملية السلام، خاصة وأن قيادات بعض الأحزاب والقوى السياسية المعارضة تشارك الآن في مفاوضات «أديس أبابا» لتوحيد قوى المعارضة من أجل الحل الشامل لقضايا السودان وإحلال السلام، وجميعنا يعرف أن الجبهة الثورية قوامها حركات دارفور وليس تجار السياسة والحروب ولا الحركة الشعبية قطاع الشمال التي تريد استغلال غيرها لتحقيق أهدافها.
نجاح حوار الداخل هو الذي يقود إلى نجاح حوار الخارج، وقد تظهر عقبات وتباين في المواقف واختلاف في وجهات النظر، لكن أبناء دارفور ليسوا بالغباء الذي يجعلهم مطية للغير الذي يريد استغلالهم وصولاً إلى تحقيق أهدافه، ثم يتخلى عنهم وقت أن يحقق ما يريد.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]