(شئ ما).. يجري طبخه!!
والله العظيم تحيرني هذه الحكومة كثيراً.. أحياناً تبدو مثل لاعب فريق كولمبيا في المونديال قبل عدة سنوات.. الذي أحرز هدفاً بالخطأ في مرمى فريقه فأطاح به من التصفيات.
وزارة الخارجية السودانية على لسان وكيل الوزارة السفير عبد الله الأزرق- أبدت توجسها من (شئ ما) يحاك في دوائر مجلس الأمن ضد السودان.. لم تحدد وزارة الخارجية هذا الـ(شئ ما).. وتركته لخيال المتلقي.. لكن بكل تأكيد الإمعان في التمويه من جانب الخارجية السودانية ساعد في تكبير حجم (الإرعاب).. وأعطى الـ(شئ ما) دوياً مفرقعاً.. فاندفعت أنظار الفضائيات ووسائط الأخبار نحو السودان تحاول أن تجس النبض لمعرفة إلى أي رقم وصل عدد ضربات قلب الحكومة السودانية خشية هذا الـ(شئ ما)..
ومن باب الاحتياط.. بادرت الحكومة السودانية بإطلاق الصافرة ورفعت (الكارت الأصفر) لقوات العملية المختلطة المسماة (يوناميد) وهي قوات دولية وأفريقية.. (مسكينة) لا حيلة لها.. أشبعتها الحركات المسلحة ضرباً وتقتيلاً.. وحرصت الحكومة أن تلفت النظر إلى لون (الكارت) حتى لا يُفهم أنه (أحمر) بما يعني الطرد الفوري.. فقال السفير إن رحيل (اليوناميد) سيكون بـ(التدريج).. وهي عبارة دبلوماسية تعني (فاوضني بلا زعل!!).. اسحبوا الـ(شئ ما).. نسحب التهديد.. يؤكد ذلك أن الحكومة لم تبدِ ضيقاً بهذه القوات في الماضي بل الاتهامات من الحركات المسلحة كانت دائماً توجه لقوات (اليوناميد) أنها تتعاطف إن لم تكن تتواطأ مع الحكومة السودانية.
وقلت إن تلويح الحكومة بطرد اليوناميد هو من باب الاحتياط.. لأن الحكومة تدرك أن هذه القوات التي أمر بها قرار مجلس الأمن رقم 1769 في يوليو 2007 جاءت بموجب الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة.. وطردها يدخل السودان في مواجهة مباشرة مع مجلس الأمن الذي بنى قراره على أن مهمة هذه القوات حيوية لحماية المدنيين وفرض السلام وتشجيع الأطراف على الاحتكام للحوار والتفاوض.. لكن في المقابل، هذه القوات لا يمكن أن تؤدي مهمتها بدون تعاون مباشر مع الحكومة السودانية.. بل وبكامل موافقتها.. فهي تعمل وتدار من الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.. وليس من مناطق خارج سيطرة الحكومة. فتصبح الكفة متعادلة.. (التعاون مقابل التعاون)..
الـ(شئ ما) الذي تخشاه وزارة الخارجية بالتأكيد لا يندرج تحت تصنيف (عقوبات) فمجلس الأمن أصدر كثيراً من القرارات العقابية في السابق.. وأودع في المحكمة الجنائية الدولية قائمة (لا تزال غالبيتها مجهولة) واستنفد كل ما يملكه من (إرعاب) بلا جدوى.. لكن مخاوف الدبلوماسية السودانية تنظر في اتجاه آخر.. معلوم لمن يسدد النظر في الاتجاه الصحيح..
على كل حال.. أتوقع أن مجلس الأمن لن يفعل الـ(شئ ما).. والحكومة لن تطرد (اليوناميد).
عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]