عودة الحياة الى قصر عمره 150 عاما ظل مهجورا عشرات السنين
ويعود تاريخ قصر الكايد الكائن في وسط بلدة سبسطية الأثرية التي تقع على بعد ثمانية كيلومترات شمالي مدينة نابلس بالضفة الغربية الى عام 1858 وكان مقرا للشيخ احمد الكايد وهجره آخر ساكنيه عام 1950 للسكن في بيوت جديدة وأصبح القصر آيلا للسقوط.
وقالت عناية الكايد مسؤولة القصر بعد المرحلة الاولى من ترميمه لرويترز “سنعيد الحياة الى هذا القصر والذي كما ترى أُعيد ترميمه ليكون شاهدا على فترة تاريخية هامة من حياة الشعب الفلسطيني خلال الفترة العثمانية.”
واضافت “تم الاتفاق مع أصحاب المبنى ان يتم الاستفادة منه على مدى خمسة عشر عاما مقابل إعادة ترميمه وسيكون خلال هذه الفترة القابلة للتمديد مركزا لخدمة المجتمع وتعزيز الحياة السياحية في البلد بالرغم من توقف الحركة السياحية فيها حاليا بسبب حاجز تقيمه سلطات الاحتلال يغلق الطريق الرئيسي المؤدي الى القرية.”
وعمل مركز المعمار الشعبي الفلسطيني (رواق) على ترميم القصر بدعم من الوكالة السويدية العالمية للتنمية والتعاون (سيدا).
وقال نظمي الجعبة مدير عام رواق “لقد استغرق العمل في إعادة ترميم قصر الكايد ستة أشهر عملنا خلالها على إعادة القصر الى أقرب ما كان عليه سابقا إضافة الى تجهيزه للاستخدام العصري.”
واضاف “انه لا يمكن ترميم المباني القديمة فقط دون ان تكون هناك إمكانية لاستخدامها والاستفادة منها وقصر الكايد نموذج على ذلك فرغم الأهمية التاريخية والتراثية للمبنى فاننا نأمل ان يشكل نموذجا لإمكانيات الاستفادة من تأهيل المباني القديمة في المدن والقرى الفلسطينية.”
وتبلغ مساحة القصر 870 مترا مربعا ويتوسطه فناء مكشوفا مساحته 100 متر مربع ويوجد عند مدخل المبنى الممتلئ بالزخارف مثل النجوم والصحون عمودان أثريان.
ويضم المبنى المؤلف من طابقين ويتم الدخول اليه من بوابة خشبية كبيرة مجموعة من الغرف إضافة الى اماكن مخصصة لتخزين الزيت في الجدران الداخلية وأخرى لتخزين الحبوب بالاضافة الى وجود فتحات يبدو انها كانت مخصصة لوضع المشاعل.
ويتميز المبنى بكثرة نوافذه سواء المطلة على ساحة القصر أو خارجه إضافة الى وجود أكثر من درج يؤدي الى الطابق الثاني.
وقالت عناية الكايد “نعمل حاليا على تنظيم ورش عمل حول الثقافة والتراث في القصر الذي سيتحول خلال الأشهر القادمة الى مركز للحرف اليدوية مثل صناعة الزجاج والفخار والحفر على الخشب إضافة الى الأشغال اليدوية والمطرزات.”
وأضافت “سيكون بامكان زوار القصر مشاهدة طرق عمل هذه الصناعات بشكل مباشر وإضافة الى انها ستكون ورش تدريب للراغبين بتعلم هذه الحرف.”
ويستقبل القصر هذه الأيام بعض الرحلات المدرسية التي تاتي لزيارة بلدة سبسطية الأثرية التي تعود آثارها الى الفترة الرومانية الممتدة بين عام 76 قبل الميلاد و 323 ميلادية فيما تغيب عنها الافواج السياحية التي كانت تأتي اليها يوميا قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وقال محمد جرادات منسق المشاريع في دائرة الآثار الفلسطينية “ان سبسطية موضوعة على لائحة المواقع التاريخية والتراثية ذات القيمة العالمية المتميزة في فلسطين” التي تم تقديم عدد منها الى منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لتكون على لائحة التراث العالمي.
واضاف “جرت أعمال ترميم محدودة في المواقع الأثرية ونحن هنا نتحدث عن مكونات المدينة الرومانية .. منطقة سكنية وملعب لسباق الخيل ومباني دينية ومدرج ومسرح وسوق مركزي ومقابر.”
وأوضح جرادات ان ما يعيق التنقيب في المواقع الأثرية في سبسطية طبيعة تقسيم البلدة الى منطقتين (ب و ج) حسب الاتفاقية الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي مشيرا الى انه بموجب الاتفاقية يكون للسلطة الفلسطينية سيطرة ادارية في المنطقة (ب) بينما ليس لها صلاحيات في المنطقة (ج).
وقال جردادات “التل الأثري في سبسطية يقع ضمن المنطقة ..ج.. إلا اننا تمكنا من القيام ببعض الأعمال المحدودة للمواقع الأثرية الواقعة في المنطقة ..ب.. ولاتزال بعض المواقع الأثرية واضحة للعيان في سبسطية ومنها الساحة الرومانية العامة وشارع الأعمدة والمسرح ومعبد أوجسطس.”
واضاف جرادات ان “عملا كبيرا ينتظر سبسطية للكشف عن المواقع التاريخية فيها.”[/ALIGN]