ماركس في الجزائر
(المغربي) هو أول من لفت نظر صِنوِهِ (كارل ماركس) إلى قضية الجزائر في مقال نشره (1857) في المجلة الأميركية) New American Cyclopedia)، رغم أنها حذفت كل ما يتعلق بالكفاح الثوري الجزائري بقيادة (عبد القادر الجزائري)، وفقاً لما كشف عنه المغربي نفسه في رسالته إلى (كارل ماركس) المؤرخة في 22 أيلول 1857م. (المغربي) هذا، ليس غير (فريدريك إنجلز) الذي حاز على اللقب لما يتمتع به من هيئة الشرقية من قصر في الساقين مقارنة مع الجذع.
كثيرون لا يعرفون عن زيارة (ماركس) إلى الجزائر، التي كشفت عنها الرسائل المُتبادلة بينه وبين مقربين منه مثل ابنته (لورا لافارغ)، وصديقه (إنجلز) كما أسفلنا. والأخير هو من أوعز له بالسفر إلى الجزائر بعد أن تدهورت صحته إثر رحيل زوجته ورفيقة دربة (جيني فون)، وكان (ماركس) تعرض حينها 1881)) إلى انتكاسة نفسية إثر الرحيل المفاجئ لجيني، فاقم منها مرضة الشديد بالسعال خاصة وأنه كان مُدخناً شرهاً، علاوة على إصابته بمرض جلدي مزمن، فما كان من (المغربي) إلا أن يُسدي إليه النصيحة بالسفر إلى الجزائر، بحسب الرسائل المتبادله بينهما من جهه، وبين ماركس وابنته (لورا) من أخرى.
غادر ماركس لندن في التاسع من أبريل 1881 متوجّهاً إلى باريس، ليودّع ابنته الكبرى وتابع رحلته إلى مرسيليا ومنها إلى مدينة الجزائر، حيث قضى فيها (72) يوماً، نزيلاً في أحد الفنادق.
تلك الفترة التي أنفقها في الجزائر أنتجت أدباً رفيعاً في فن المراسلات، حيث كتب ماركس إلى ابنته (لورا لافارغ) المقيمة في لندن، بحسب ترجمة (حسين الموزاني): دعينا نلقي نظرة على الأمور من وجهة نظر تاريخية عُليا، فالعرب البدو الذين انحطوا كثيراً في نواحٍ عديدة بسبب صراعهم على البقاء لا زالوا يحتفظون بعديد الصفات الحميدة، منها أن لديهم تقديراً كبيراً لعلمائهم العظماء، وهذا هو – في اعتقادهم- سبب احتقار الأوربيين لهم. وفيما يلي رواية قصيرة ذات مغزى تصلح نموذجاً للفلكلور العربي: على طرف مياه نهر هائجة استعد قائد قارب صغير للإبحار بالفيلسوف إلى الشط الآخر. يركب الفيلسوف، ثم يبدأ الحوار التالي:
– الفيلسوف: أتعرف شيئا من التاريخ يا قائد القارب؟
– كلا!
– الفيلسوف: إذن أضعت نصف عمرك!
– الفيلسوف: هل درست الرياضيات؟
– كلا!
– الفيلسوف: إذن أضعت أكثر من نصف عمرك!
ثم قلبت الرياح القارب قاذفة بالرجلين في اللجة، وحينها صاح قائد القارب أتعرف السباحة؟
– الفيلسوف: كلا!
– ويحك، لقد أضعت عمرك كله!
الآن، وهنا في الخرطوم، لا أحد من فلاسفتنا يعرف السباحة!!
[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمانالحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي