الوعي النظري وحده لا يكفي
*لم أصدق أذني وأنا أستمع لتصريحات الأمين العام لمجلس الأحزاب الإفريقية د. نافع علي نافع القيادي المثير للجدل في حزب المؤتمر الوطني الحاكم عندما قال في الندوة التي نظمها المجلس بالخرطوم قبل يومين حول “دور الأحزاب السياسية في ترسيخ الديمقراطية” : إن شعوب العالم تحررت ولن تحكم إلا بالديمقراطية.
*طبعاً لم ينس الحديث عن سوء إستغلال الديمقراطية، وأن”يطاعن” الأحزاب السياسية السودانية ورموزها ، ولكنه في نهاية الطاف خلص إلى حقيقة أن الشعوب تحررت ولن تحكم إلا بالديمقراطية.
*إننا لانختلف معه في ضعف الممارسة الديمقراطية في الأحزاب السودانية، دون أن نستثني حزب المؤتمر الوطني الذي شهد على ضعف الممارسة الديمقراطية فيه بعض رموزه الذين خرجوا من تحت عباءته .. وأهل السودان ملوا هذه المناورات السياسية التي فشلت في الحفاظ على وحدة السودان ولم تستطع تحقيق السلام في كل ربوعه، ولم تلتزم بدفع إستخقاقات التحول الديمقراطي.
*هناك إتفاق نظري على الأقل على أن الواقع المأزوم أصبح في حاجة لمعالجات جذرية خاصة الوقع الإقتصادي الذي أصبح يعتمد على “الحقن الخارجية” المهدئة بدلاً من إصلاح السياسات الإقتصادية والمالية، التي صممت لخدمة أهداف التمكين السياسي وتمكين أهل الولاء الذين أصبحوا يتشبثون بهذه السياسات ويعرقلون أية خطوة عملية نحو تغييرها، لصالح المواطنين الأكثر تضرراً منها.
*رغم كل ذلك فإننا نطمح في أن يثمر هذا الوعي النظري في إحداث إختراق حقيقي نحو برنامج الإصلاح الشامل والتغيير المنشود نحو التحول الديمقراطي الحقيقي، خاصة وأن رئيس القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن قال أن حزبهم يسعى لإشاعة الحرية والديمقراطية والعدالة وإحترام القانون والتوافق مع القوى السياسية لتحقيق نظام ديمقراطي تعددي معافى من العصبيات والجهويات والقبلية والشللية.
* للأسف فإن الواقع يكذب هذه التصريحات الإيجابية وأن الملعب السياسي شهد “فاولات” كثيرة أخرجت بعض الأحزاب الفاعلة من دائرة الحوار، وتضييقات ظاهرة على الصحفيين والصحف أضرت بالمناخ المعافى اللازم لدفع إستحقاقات الإصلاح الشامل والتغيير المنشود.
*إن الوعي النظري بالواقع المأزوم لايكفي لمعالجة الإختلالات السياسية والإقتصادية والأمنية، والإنتقال عملياً الى رحاب السلام الشامل والحريات والديمقراطية والعدالة وإحترام القانون والتوافق مع القوى السياسية لتحقيق نظام ديمقراطي تعددي معافى.
[/JUSTIFY]
كلام الناس – نور الدين مدني
[email]noradin@msn.com[/email]