جمال علي حسن

مليون لسان لصورة الترابي وعلي عثمان

[JUSTIFY]
مليون لسان لصورة الترابي وعلي عثمان

لقطة المصور البارع عباس عزت والتي ظهر فيها الأستاذ علي عثمان واقفاً يمد يده اليمنى للترابي الذي كان جالساً في مقعده في مؤتمر الحزب الحاكم.. هذه اللقطة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات كاريكاتورية كان معظمها يميل لوصفها بأنها تعبر عن تمنُّع أو تأخُّر أو تردُّد الشيخ الترابي في مبادلة علي عثمان التحية بمثلها أو أحسن منها. وأجزم أن معظم الذين روجوا لهذه اللقطة كانوا قد شاهدوا اللقطة التي تليها حين وقف الترابي وصافح علي عثمان بشكل لا تنقصه الحميمية..

وحتى لا نسرح كثيراً مع تلك الكاريكاتيرات نتذكَّر جميعاً بأن الترابي لم يلتق علي عثمان لأول مرة منذ المفاصلة ولا (عاشر مرة) حتى نقول إن مصافحته كانت فاترة أو باردة أو متراجعة.. فقد التقى الترابي مع علي عثمان لأول مرة عام ٢٠٠٥ بمنزل الإمام أحمد المهدي بعد قطيعة كانت قد استمرت ست سنوات وكانت قد جمعتهما تلك المائدة الرمضانية فتصافحا بكل حرارة.. لأن الرابط الاجتماعي بين الرجلين كبير والعشرة لا تهون وأعني عشرة العمل التنظيمي، فالأستاذ علي عثمان كان هو الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية القومية بعد الترابي في مراحل لم تكن فيها لا (كيكة) ولا سلطة ولا مال..

وفي تحليلي الخاص أن موقف الترابي من علي عثمان بعد المفاصلة كانت جرعته كبيرة ليس بسبب ما يقال بأن علي عثمان هو الذي قاد عملية إبعاد الترابي، فهذا ليس صحيحاً، بل ليس صحيحاً أن علي عثمان كان طرفاً في مذكرة العشرة من الأساس وهذا ما رواه الدكتور أمين حسن عمر من قبل حيث أكد أن علي عثمان لم يقم بتدبير مذكرة العشرة ولا علاقة له بفكرتها لا من قريب ولا من بعيد، وتلك حقائق تاريخية، لكن في اعتقادي أن موقف الترابي من علي عثمان كان بسبب موقفه من المذكرة نفسها والذي كان أقرب للحياد قبل حسم أمره بشكل واضح وانحيازه لموقفها في الرابع من رمضان..

وليس من المعقول أن يكون الترابي غير مدرك لتفاصيل مذكرة العشرة وكيف تمت صناعتها ومن هم الذين كتبوا مسودتها.. وكيف تطور العدد من أربعة أشخاص حتى وصل العدد الى عشرة.. هذا مفهوم بالنسبة للترابي منذ أول يوم لكنه كان يرجو من علي عثمان موقفاً آخر، موقفاً مختلفاً يؤازره وينحاز لصفه بحكم (العيش والملح) التنظيمي.. وهذا ما لم يفعله علي عثمان لتقديرات يعرفها هو ويجب أن نحترمها.

وفي الحقيقة أن البشر لهم طباع غريبة فكلما كانت العلاقة بين شخصين أكبر كانت المواقف بينهما أكثر حدة.. فإحساس اللوم بين الأصدقاء أوجع من الإحساس تجاه الأعداء.. وجرح المقربين أكثر إيلاماً من جرح غير المقربين..

لذلك لي اعتقاد أن الترابي ما كان ليحضر مؤتمر المؤتمر الوطني إلا بعد أن غادر علي عثمان كابينة القيادة.. فالجرح كبير.

لكن برغم كل ذلك فإن اللقطة منقوصة، لأنه ومهما يكن من الأمر فإن الحال لا يبلغ بينهما تلك الدرجة التي أرادت الكاريكاتيرات أن توحي للرأي العام بها.

المهم أن من يضيعون وقتهم الآن في النضال (الكاريكاتوري) عليهم الانتباه إلى أن خطوات التقارب بين فرقاء الإسلاميين ستجعل مهمة خصوم الإسلاميين معهم أصعب وأكبر وأكثر تعقيداً.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي