الزيارات الإفتراضيّة للطبيب تفتح سجالاً صحيًّا في أميركا
تم استحداث تقنيّة جديدة لفحص المرضى عن بعد عبر شبكة الانترنت، غير أنَّ هذه الزيارات الافتراضية للطبيب فتحت سجالاً صحيًّا في أميركا، علمًا ان تلك الخدمة الجديدة ستعمل على تحسين الرعاية الصحية، إذ ستخفف بعضًا من الضغوط الملقاة على كاهل النظام، مثل الوقت المهدر في التعامل مع التعيينات ومطالبات التأمينات، والنقص الحاصل في أطباء الرعاية الصحيّة الأوليّة، وفرص الحصول بصورة محدودة على الرعاية لكثير من المرضى.
القاهرة: في نقلة طبيّة جديدة ترمي إلى تذليل العقبات والتخفيف على المريض الذي قد لا يقوى في بعض الأحيان على مغادرة الفراش، نظرًا لاشتداد الحالة المرضية عليه، تم استحداث وسيلة جديدة، ينتظر أن يتم تعميمها العام المقبل في مختلف الولايات الأميركية، وهي المتمثلة في إجراء الاستشارات الطبية من المنزل عبر شبكة الإنترنت. وفي هذا الإطار، تسلط صحيفة النيويورك تايمز الأميركية الضوء على تلك الخطوة التي أقدم عليها مسؤولو فرع أوبتام هيلث التابع لمجموعة الصحة المتحدة، أكبر جهة متخصصة في التأمين الصحي بالبلاد، حيث يخططون لتدشين خدمة تُعرف بـ ( NowClinic )، تصل المرضى بالأطباء عبر تقنية الفيديو “تشات” (الدردشة بوساطة الفيديو). وهم يسعون الآن لنشرها في كل ولاية، وقد بدأوا بولاية تكساس، وسط موجة من الجدل الطبي المثار حول عدة نقاط وردود فعل من جانب الجمعيات الطبية الحكومية.
في مستهل الحديث، تشير الصحيفة إلى اقتناع مسؤولي أوبتام هيلث بأن تلك الخدمة الجديدة ستعمل على تحسين الرعاية الصحية، إذ ستخفف بعضًا من الضغوط الملقاة على كاهل النظام اليوم، مثل الوقت المهدر في التعامل مع التعيينات ومطالبات التأمينات، والنقص الحاصل في أطباء الرعاية الصحية الأولية، وفرص الحصول بصورة محدودة على الرعاية لكثير من المرضى. لكن وفي مقابل ذلك، يشعر بعض الأطباء بالقلق من أن نوعية الرعاية التي يتلقاها المرضى ستعاني إذا أهمل الأطباء في واحد من أهم العناصر الرئيسة للرعاية الصحية، ألا وهو الفحص الجسماني.
وهنا، تنقل الصحيفة عن دافيد هيمليشتاين، طبيب الرعاية الصحية الأولية والأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد، قوله :”إن التقنية الجديدة هذه تمثل تقليدًا باهتًا لزيارة الطبيب. ويمكننا القول هنا بشكل أساسي أننا سنستغني عن مظاهر متعلقة بفحص المريض ومعظم القرائن غير اللفظية التي يستعين بها الأطباء”. وفي غضون ذلك، يرى أطباء آخرون، من ضمنهم راشد باشاشور، مدير التطبيب عن بعد في قسم النظام الصحي في جامعة ميتشغين، أن مداواة المرضى عبر الإنترنت تعد وسيلة أقل تكلفة لتوفير الرعاية الروتينية. ويردف بقوله :” إن التحجج بالحاجة إلى ممارسة الطب من خلال الكشف باليدين لهي حجة بالية وقديمة ولا تحوي بين طياتها أي مصداقية. وهناك اثنان من الثوابت في الطب: التغيير ومقاومة التغيير”.
أما كريستوفر كرو، الطبيب المتخصص في شؤون الأسرة في بلانو بولاية تكساس، وسبق له أن استعان بالنظام الجديد أثناء فترة اختباره، فيقول ” تمنحك خدمة ( NowClinic ) القدرة على تحديد الحالة إذا ما كان هناك ثمة شيء خاطئ، في لهجة أو تعبيرات الوجه أو لغة الجسد، ويكون بمقدورك أن تلحظه عندما تمشي جنبًا إلى جنب مع المريض”. بعدها، تنتقل الصحيفة لتشير إلى أن أعدادًا كبيرة من المرضى الذين لا يوجد لديهم أطباء متخصصون في الرعاية الصحية الأولية، يستعينون بغرف الطوارئ لمواجهة ما يعانونه من مشاكل روتينية. ثم تمضي الصحيفة لتنقل في شأن ذي صلة عن روي شوينبيرج، الرئيس التنفيذي لجمعية “أميركان ويل” التي أنشأت النظام الذي تستعين به أوبتام هيلث، قوله :” نقوم بموجب تلك التقنية بمواجهة النقص الحاصل في عدد الأطباء ونعمل على إتاحتهم للمرضى”.
بعدها، تقول الصحيفة إن بإمكان سكان ولاية تكساس الاستفادة من الخدمة الطبية الجديدة من خلال زيارة الموقع الإلكتروني NowClinic.com مقابل 45 دولارًا فقط، سواء كان الشخص مؤمن عليه صحيًا أم لا. وتشير الصحيفة في هذا الإطار أيضًا إلى توفير بعض المستشفيات والشركات التكنولوجية لخدمات طبية مماثلة على نطاق أصغر، من ضمنهم شركة Cisco، المتخصصة في صناعة معدات الشبكات، والتي تستعين بتقنيتها الخاصة بالفيديو كونفرنس للربط عن بعد بين المرضى والأطباء. وتعمل الآن مع مجموعة الصحة المتحدة بغية توفير الخدمة على نطاق أوسع.
ثم تنتقل الصحيفة لتشير إلى الصعاب التي تجابهها الخدمة في الولايات المتوافرة بها بالفعل. فعلى سبيل المثال، يتطلب القانون الخاص بولاية تكساس إجراء مقابلة شخصية بين الأطباء والمرضى من خلال وسائل من ضمنها الفحص الجسدي، قبل أن يتشاوروا أو يصف الطبيب أدوية للمرضى عبر الإنترنت أو الهاتف. ويقوم الآن المجلس الطبي في الولاية، وهو المنوط بتنظيم الأطباء، بتقييم سياساته المتعلقة بالتطبيب عن بُعد في ضوء التقنيات الجديدة. وتنقل الصحيفة هنا عن ماري روبينسون، المدير التنفيذي للمجلس، قولها إن الفحص الذي يتم عبر الهاتف أو الإنترنت لا يكون كافيًا ما لم يتقابل الطبيب بالمريض بصفة شخصية “ولا يُسمح به بموجب قوانينا”.
في حين تقول إنه وبعد أن تم توفير الخدمة الخاصة بجمعية “أميركان ويل” للمرضى في هاواي العام الماضي، مرر النواب مشروع قانون سمح للأطباء والمرضى بإقامة علاقة على الإنترنت، على الرغم من اعتراض الرابطة الطبية هناك على ذلك. وفي النهاية، تنقل الصحيفة عن روب ويب، الرئيس التنفيذي لحلول الرعاية في أوبتام هيلث، قوله :” هذه تقنية جديدة، لذا ستجد لديك الكثير من التعليمات البرمجية المكتوبة التي لا تأخذ تلك التقنيات الطبية بعين الاعتبار”. وتلفت الصحيفة في الختام إلى تلك الدراسة التي أجراها فريق بحثي من جامعة هارفارد بمركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي في بوسطن، ووجدت أن المرضى لا يجدون مشكلة في أن تؤدي أجهزة الكمبيوتر دورًا محوريًا في شؤون الرعاية الصحية الخاصة بهم، كما توقعوا بأن تمثل شبكة الإنترنت بديلا ً للزيارات التي يستشيرون فيها الأطباء وجهًا لوجه بشأن المشاكل الصحية الروتينية.
المصدر :إيلاف