الحنين للمحنة
والمحنة….كلمة حنينة…تنبئ عن نفسها. ..تحمل معناها بين طيات أحرفها الملفوظة أو المكتوبة….تثلج القلب بالطمأنينة…وتضيء العيون بغشاوة الدمع الرقيقة تعبيرا”عن الحميمية والصدق.
كانت حتى وقت قريب الميكانيزم الحقيقي لكل العلاقات الإنسانية…الأرضية الثابتة للروابط الموازية للحب والزواج وغيرها من المسميات الواضحة التي تستدعي وجود أساليب تعبيرية مجردة للتعريف بالعلاقة.
كانت المحنة هى مقياس الإخاء والصداقة والجوار والزمالة وصلة الرحم وغيرها من التفاصيل الفطرية لمابين الإنسان وأخيه الإنسان.
وكنا قد بدأنا منذ زمن نجتر شكوانا المتشابهة عن تغير الزمن والناس واختلاف أبعاد الأشياء وتراجع النسب الإيجابية للمعاني فى حياواتنا….لم يعد أي شيء كما كان…ولا أي أحد على ماهو عليه !!!
لهذا لم يعد العيد هو ذات العيد الذي يعاودنا الحنين لأيامه الطيبات المتسمة بالتواصل والتوادد والتزاور والتلاقي…أصبح باهتاً”كما يعرب معظمنا…،بارداً” …قصيراً”…قاصراً”على زيارات مقتضبة وعبارات معلبة ومكالمات رسمية….وقد لايتجاوز في كثير من الأحيان تلك الرسائل الجاهزة المصنوعة خصيصاً”لتتوافق مع المناسبات والتي برغم ألوانها الزاهية وعباراتها الفخيمة لا تعدو كونها شعور مصنوع بصدد التداول!
فلماذا يحدث معنا هذا؟..لماذا تغير لون الفرح وطعمه؟….ولماذا أصبحت هذه المناسبات المهمة لا تعدو كونها إجازات قصيرة نفضل قضاءها فى النوم أو إعادة ترتيب أشياءنا وبرامجنا اليومية المؤجلة؟!
فقدنا حماسنا للحظات التلاقي والزيارات الخاصة والعامة…تراجع حتى الشكل المبهج للجلاليب البيضاء المتزاحمة في الطرقات صباحاً”لأداء واجب المعايدة!!
سيخرج البعض مندداً”ومؤكداً”…وقبل أن تضربوا لي الأمثال بالمعايدات الإقليمية دعونا نتفق على أن تراجع قيمة العيد أمر نسبي وموجود فى كل مكان.
وحالما سألت البعض عن السبب برروا الأمر بالمشاغل وتسارع إيقاع الحياة وعجلة الزمن والضنك والتردي الإقتصادي والظروف المعيشية!!
ورغم قناعتي المطلقة بأن كل الظواهر السالبة والمتغيرات الاجتماعية مردها الأخير بالضرورة لاينفصل عن أوضاعنا الاقتصادية المتردية ،إلا أنني وددت الإشارة لانعدام المحنة!!….ويمكن أن نضيف لها الرحمة!!!…فقد الناس إحساس التحانن والتراحم…أصبحت القسوة والأنانية هي السمة الأبرز التي تسيطر على غالبية العلاقات بين الناس…. وبينما كنا نقيس المحنة قديماً”بالاحترام والتقدير والفهم الصحيح والتعايش…أصبح للمحنة الآن مقياس جديد يسمى مجازاً”المصلحة!!!
معظم علاقاتنا الآن تحكمها المصلحة….وحتى العيد السعيد لم يعد سعيداً”مما يرانا نقترفه فى حق بعضنا البعض بعيداً”عن كل معانيه السماوية والإنسانية الحقيقيه!!!!وعجبي
*تلويح:
العيد الجاب الناس لينا ماجابك !!!
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي