جعفر عباس

نجونا من الحرب وفزت بوظيفة

[JUSTIFY]
نجونا من الحرب وفزت بوظيفة

وجدت في قطر وظيفة تدر علي رزقا طيبا، وكنت أكسب المزيد من المال بممارسة الترجمة في وقتي الخاص، ولكن فراق الوطن كان ثقيلا على نفسي، وكنت وقتها لدي طفل واحد، ورغم أن الأوضاع الاقتصادية في السودان كانت آخذة في التدهور، فإنني كنت أحسب أنني كنت قادرا على كسب مال يكفي لإعالة أسرتي الصغيرة بالعودة الى التدريس أو التلفزيون في السودان، وصحيح أنني تعرضت لبعض المضايقات من جهاز أمن حكومة نميري، مثل تفتيش البيت بين الحين والآخر، على أمل العثور على ما يؤكد ضلوعي في نشاط معاد للحكومة، وكنت بالفعل ضالعا في أنشطة معادية للحكومة، ولكن «على قدر حالي»، ولم أكن من الغباء بحيث أترك في البيت ولو قصاصة معادية للحكومة وزعها أحد الأحزاب المعارضة سرا، وكانت عمليات التفتيش الأمنية في غالب الأحوال تتم بمهنية ومن دون غطرسة أو إهانات لمن يتم تفتيش منازلهم، بل كان على رجال الأمن الذين يتولون تفتيش بيوت المعارضين أن يطلبوا من اثنين من المارة او الجيران أن يكونوا شهودا على عملية التفتيش، حتى يكونوا رقباء على جماعة الأمن، لأنه سبق أن بعض السفلة منهم وفي عهود مختلفة كانوا يدخلون بيتا ما وهم يحملون سلفا منشورا سياسيا يلعن خاش الحكومة، ثم يزعمون أنهم عثروا عليها في البيت الخاضع للتفتيش.
ولعبت زوجتي دورا كبيرا في التأثير علي لأقرر العودة مجددا إلى السودان، وصرف النظر نهائيا عن الاغتراب، فكلما عدت من العمل وجدتها باكية: مالك يا بنت الناس؟ فتقول: ما في شيء بس اشتقت لأمي، وبعد أن نجحت في الحصول على خدمة هاتفية في بيتي، خربت بيتي بالمكالمات كلما هزها الشوق إلى «أمي»، فصارت فاتورة التلفون أعلى وأكبر من فاتورة الطعام والكساء، وعندما أوشك عقدي للعام الأول على الانتهاء، أبلغت أصدقائي السودانيين في قطر بنيتي للعودة نهائيا الى الوطن فنصحوني بالتريث، وخاصة أنهم كانوا على علم بأن مدخراتي صفر، لأنني كنت أورد معظم دخلي الشهري لمؤسسة الاتصالات نظير شوق المدام لـ«أمي»، واقترحوا علي «تغيير الجو» أي السفر معها في رحلة سياحية، وهكذا قررنا السفر الى العراق، ولم تكن هناك رحلات مباشرة بين الدوحة وبغداد وبالتالي كان لا بد لنا من السفر إليها من دبي، وبما أن أختا لزوجتي كانت تقيم في دبي، فقد اقترحت زوجتي أن نزورها ليومين أو ثلاثة ونسافر بعدها الى العراق.
ولأن الله يحبني وأنا له من الشاكرين، فإن كل «تأخيرة فيها خيرة» فلم نسافر الى العراق، ولو فعلناها فلربما كنا قد رحنا فيها لأن الحرب نشبت بين العراق وإيران في التوقيت الذي كان يفترض أنني وزوجتي وولدي الوحيد (وقتها) كنا نتجول في بغداد، وهي الحرب التي انتهت بالتعادل السلبي عام 1989، وخلال وقفتنا القصيرة في دبي لزيارة أخت زوجتي، التقيت بزميل دراسة كان يعمل في جريدة «الاتحاد» في أبوظبي، وأصر على اصطحابي إلى مقر الجريدة، فتحركت من دبي إلى أبو ظبي وزرت الجريدة، ووجدت بها عددا كبيرا من معارفي السودانيين، وبعد قضاء نحو ساعتين في مبنى الجريدة، كنت قد حصلت على عرض مكتوب للعمل في جريدة إمارات نيوز الإنجليزية براتب مجزٍ، مع سكن مجاني وبدل أثاث متلتل (35 ألف درهم.. يا للهول)، وعدت الى زوجتي في دبي وأخبرتها بأمر عرض العمل ففرحت لأنها على الأقل ستكون على بعد نحو ساعتين من اختها، وهكذا عدنا الى الدوحة وعادت هي إلى السودان لتلحق بي في أبوظبي.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

‫2 تعليقات

  1. يا أستاذ أبو الجعافر – يا أخى ما أهلكتنا و فقعت مرارتنا بحكايات تاريخك الشخصية التى لاتهم شخصا غيرك – يا اخى حاول مرة واحدة أن تكتب عن وضع أو قضية معاشة أو فكرة -يا ريتك تقرأ مقالات مستغانمى لتتعلم كيف تكتب عن شى يفيد القارى بدلا من أهلاكنا بحكايات سيرتك الذاتية البايخة و مملة دى . ( يا خى ماتغيرها !!!!).

  2. الامور الشخصية ليس مكانها هنا اكتب مزكرات شخصية واطبعها وقم بتوزيعها او اهدائها للناس هنا مكانا للعام وليس الخاص استاذ جعفر عباس ودخلك الذي تتحصل عليه من المؤكد انه شأنا خاصا لا يهم كل من يقرأ هذه السطور