عبد الجليل سليمان

أغنية المسافر.. المدارس القومية

[JUSTIFY]
أغنية المسافر.. المدارس القومية

قليلة هي الأخبار التي تبعث الفرح في هذه البلاد، شحيحة تلك الأخبار التي تجعل صباحك يانعاً و(غرِّيداً)، ونادرة تلك التي نجعلك تتماهى مع (رسول حمزاتوف) وتنشد “أيها المسافر إذا لم تدخل منزلي الذي تمر عليه في طريقك فليسقط الثلج والرعد على رأسك/ الثلج والرعد أيها الضيف/ يخرج المسافر في سفر/ فماذا يحمل معه؟ أغنية يحمل؟ لكن يا ضيفي العزيز/ الأغاني المدهشة عندنا ولا حصر لها في الجبال/ لكن لا بأس/ إحمل معك أغنيتك فحملها ليس بالثقيل”.

وأغنية المدارس القومية مثل أغنية الضيف، حملها ليس بالثقيل، لكن هذه (الحكومة) أعاننا الله عليها، لا تستبين الصراط المستقيم في كل (أعمالها) إلا ضحى (الغد)، قالوا لها أُتركي السلم التعليمي وشأنه، ونقحي المناهج ورشقيّها، واجعليها مواكبة، واهتمي بتدريب المُعلمين وتأهليهم وزيادة رواتبهم وتحسين أوضاعهم كله، لكن تركت (أغنيتها) الحقيقية، وغنت بلسان غيرها فقلبت السلم، وخرمجت المنهج (وسيسته)، وتوسعت في التعليم العالي حد فتقته فأعياها الرتق، وظلت (تكابر) سنيناً عدداً وتقول (أنا صاح) وأنتم المخطئون، ثم بغتة (عادت) إلى السلم القديم، وسوف تعود إلى المنهج ايضاً.

الخبر المنشور (أمس) بيومية (المستقلة) يقول: “إن وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة أعلنت اكتمال الاستعدادات لاستئناف الدراسة بمدرسة حنتوب القديمة (الثانوية)، للعام المقبل، بعد توقف دام (20 عاماً)، وإن المدرسة ستستوعب بين ظهرانيها أصحاب الدرجات العالية من كل بقاع السودان، إضافة للقبول الجغرافي من أبناء المنطقة، وإنها ستعمل بنظام الداخليات. ألم نقل إن حمل أغنية المدارس القومية ليس بالثقيل، فها هم عادوا إلى رشدهم بعد (20) عاماً، عادوا ولكن!!

كان الطالب (المسافر)، يهاجر من بقاع نائية (من الشرق والغرب والجنوب والشمال) طلباً للعلم في حنتوب وطقت ووادي سيدنا، وكان كل واحد منهم يحمل أغنيته (ثقافته/ لغته/ حكاياته/ ملامحة)، حين لم يكن حمل تلك الأغاني ثقيلاً (كما الآن)، ولكن(آه)، قرروا أن لا فائدة منها فأغلقوها، واستثقلوها.

لا أحد في هذا العالم يغلق، الناس يفتحون، الدنيا كلها تنفتح وتتطور وتقترب من بعضها ثم تندمج تماماً. لكنهم لا يفهمون إلا بعد عقود، لأنهم لا يستمعون إلا لأصواتهم.

على كلٍّ، أفرحتنا خطوة تعليم الجزيرة، وعلى إثرها نتمنى أن تمضي الخرطوم بوادي سيدنا، وكردفان بـ (طقت)، وكل (مهاجر) في طلب العلم يأتي بأغنيته، فحملها ليس بالثقيل.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي