على اتساع حدود بلادنا.. أصبحنا بوابة بني صهيون
السلع الاسرائيلية وتداولها بالأسواق السودانية أصبح حديثاً نسمعه بين فترة واخرى … يبدأ بتداول العامة له في المجالس المختلفة وينتهي بتصريحات الجهات المختصة التي تنفي ان تكون السلعة اسرائيلية او ان تكون ضارة بصحة الانسان السوداني … الشهر الماضي بعثت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بتنويه خصت به جميع الموردين من التعامل مع نوع معين من الحلويات والتي تحوي بداخلها العلم الاسرائيلي … الامر الذي اثار العديد من الاسئلة البديهية عن الامر .. كيف دخلت هذه السلعة ؟ وكيف وصلت الاسواق ؟ وكيف تم ضبطها ؟ وماهي الضوابط التي تضعها الجهات المختصة ومنها الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس لضبط مثل هذه السلع ؟ وهل توجد بأسواقنا بضائع اسرائيلية ؟؟
* لنبدأ بالإعلان الصادر عن الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بتاريخ الثاني من نوفمبر المنصرم والموجه الى « جميع الموردين» والذي نص على التالي ( تنوه الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس جميع الموردين عدم التعامل مع حلويات الاطفال التي تأتي على هيئة ( بيضة ) وبداخلها استيكر يحتوي على علم اسرائيل وهي غير معروفة المصدر ، والهيئة من جانبها ستشدد الرقابة منعا لدخول مثل هذه الحلويات وما شابهها منعا باتا حماية للمستهلك من مخاطر السلع المجهولة والمستهدفة لمعتقداته ) .. الاعلان حوى الكثير من الاسئلة والاستفهامات حول هذه الحلوى وانها « مجهولة المصدر» حيث ان الهيئة لم توضح كيف واين تم ضبط هذه الحلوى ومقدار الكميات المضبوطة … واضافت للاستفهامات السابقة آخر اكبر حين وصفت الحلوى بانها مجهولة المصدر .. ولا ادري ماذا قصدت بمجهولة المصدر هل المقصود البلد التي استجلبت منها أم الشخص او الجهة التي استجلبتها ام ماذا ؟؟ .. حملت الاستفهامات السابقة الى مباني الهيئة في الرابع من الشهر المنصرم بعد ان اضفت اليها استفهامات اخرى حول الضوابط التي تضعها الهيئة لمراقبة السلع الواردة وحقيقة وجود بضائع اسرائيلية باسواقنا بعد ان كثر الحديث عنها في الآونة الاخيرة .. وكمية البضائع التي تدخل الاسواق عن طريق التهريب .. الخ ، وقابلت الاستاذة وداد كمتور مسئولة الاعلام والتي قالت ان الرد على الاسئلة يتم بالطريقة التي تتبعها الهيئة وهي ارسال الاسئلة الى الجهة المختصة بالهيئة التي ترد على الاسئلة « كتابة « … ليأتي رد الهيئة الممهور بتوقيع وداد كمتور والذي استغرق «20» يوما كاملة « خاليا « من اي معلومة مفيدة .. وفيما يبدو ان مسئولي الهيئة « المتمترسين « خلف اعلام الهيئة آثروا ان يتحدثوا عن اشياء اخرى لم اسل عنها ولاتفيدني في شيء .. حيث اتى رد الهيئة مؤكدا ان الهيئة وعبر فروعها الـ25 المنتشرة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا تراقب دخول السلع الواردة الى البلاد والصادر منها الى اسواق العالم . وان اجراءات التفتيش الميدانية تتم بواسطة مفتشين مدربين يقومون بالتفتيش الفيزيائي الذي يشمل التأكد من سلامة وصحة الحاويات التي جاءت فيها .
* وتواصل الهيئة في ردها متحدثة عن ان هنالك سلعا يتم احتجازها عند عتبات الموانئ لمخالفتها للمطلوبات والسلع التي تطابق المطلوبات يقوم المفتشون بسحب عينات ممثلة للسلع الواردة وفق طرق علمية محددة بمواصفات سحب العينات حسب طبيعة السلع الواردة ومن ثم ارسالها لمختبرات الهيئة لتجري لها الاختبارات المعملية كل حسب طبيعتها ونوعها .. ومن ثم يصدر من ادارة الشؤون الفنية تقرير فني يؤكد أو ينفي مطابقة السلعة المعينة لمواصفاتها القياسية والذي بموجبه يتم السماح للسلعة بالدخول الى البلاد او حظرها وتخيير المستورد بين اعادتها الى الدولة التي استوردها منها او ابادتها وبهذا تعلن الهيئة ان هذه الاجراءات مطبقة بكل فروعها .. وتتحدث الهيئة عن البضائع الاسرائيلية قائلة ( نؤكد ان البضائع الاسرائيلية والمخالفة للمواصفات لاتجد طريقها عبر الموانئ البرية والبحرية والجوية التي يرابط فيها مفتشوها مع زملائهم من قوات الجمارك والجهات الرقابية ذات الصلة .. وتعلن انها عين ساهرة على مصالح وصحة وبيئة البلاد ولن تؤتي من قبلها ابدا ).
* الى هنا انتهى رد الهيئة الذي يلاحظ القارئ انه لم يجب على اي من الاسئلة التي طرحناها في مقدمة التحقيق لتبقى الاستفهامات قائمة مع حقيقة وجود حلوى تحوي العلم الاسرائيلي بداخلها … ولتبدأ رحلة اخرى في محاولة لمعرفة كيف تدخل مثل هذه الاشياء ؟ سألت مصدراً مطلعاً فضل حجب اسمه بمدخل العبيدية عن كيفية دخول مثل هذه البضائع فقال ( بمدخل العبيدية لم نضبط مثل هذه البضائع وغالبا ماتدخل مثل هذه الاشياء عن طريق التهريب ونحن نتعامل مع مخلصين جمركيين ولكن هذه الاشياء يقوم بها تجار لا يتعاملون مع الجهات الرسمية ولاتدخل عن طريق الموانيء او المحطات الجمركية ) .. ويتابع المصدر ان مكافحة دخول مثل هذه الاشياء تتطلب تعاون السلطات المصرية والسودانية … هل يقع هذا الامر في نطاق دائرة حماية المستهلك ؟ وجهت السؤال للدكتور موسى علي احمد نائب رئيس جمعية حماية المستهلك الذي اجابني بان الامر سياسي اكثر منه صحي ووجود بضاعة اسرائيلية يعني انها دخلت عن طريق التهريب وهو امر موجود في جميع دول العالم « ان تدخل اشياء بكميات بسيطة « .
* الدكتور عادل عبدالعزيز الفكي الباحث بمركز دراسات المستقبل والمدير السابق لمركز المعلومات بوزارة المالية سألته عن دخول البضائع الاسرائيلية وتواجدها بالاسواق فقال ( لاتوجد علاقات دبلوماسية بين السودان واسرائيل وعليه لاتوجد علاقات اقتصادية بين السودان واسرائيل ولا تستقبل الموانيء او المنافذ البرية اي بضائع ذات منشأ اسرائيلي « عابرة او قادمة من اسرائيل ).. وتابع ( لكن بالطبع هنالك عدة طرق يمكن ان تدخل بها هذه البضائع الاسرائيلية المنشأ مثل التهريب كما يمكن ان تدخل عن طريق التحايل في المستندات كاصدار اوراق تدل على انها من دولة اخرى ولكنها في حقيقتها اسرائيلية ).. وواصل متحدثا عن التزوير قال ( يمكن ان يشمل الغلاف الخارجي للعبوة او الاوراق او الاثنين معا).
* ويرى عادل ان الحديث عن الظاهرة اصبح متكررا نسبة لوجود علاقات اقتصادية وثيقة بين اسرائيل وبعض دول المنشأ التي وقعت اتفاقيات سلام مع اسرائيل فهنالك مصانع مشتركة بين مصر واسرائيل والاردن واسرائيل والضفة الغربية واسرائيل لذلك فان دخول بضائع اسرائيلية المنشأ تزداد احتمالية حدوثه مع تطور النشاط الاقتصادي بين المناطق الثلاثة واسرائيل .. واضاف قائلا ( لا اتوقع ان تسمح السلطات الرسمية في كل من مصر والاردن بمرور بضائع للسودان ذات منشأ اسرائيلي لانها على علم بالمقاطعة السودانية للبضائع الاسرائيلية او ذات المكون الاسرائيلي ، وحتى المستوردين من السودانيين والاجانب يعلمون هذه الحقائق وبالتالي لا يغامرون باستيراد مثل هذه البضائع .
* رئيس معهد التصدير الاسرائيلي ، ونائب مدير عام الصناعات الجوية العسكرية دافيد أرتسي صرح لبعض وكالات الانباء تصريحات قد تضعنا بعيدا عن السلع الاسرائيلية حيث قال ( رغما عن الإعلان عن مقاطعة واسعة للبضائع الإسرائيلية فإن هذه البضائع تصل إلى الغالبية العظمى من دول العالم بما فيها الدول العربية والإسلامية باستثناء إيران وسوريا ولبنان. وقال أرتسي لموقع «يديعوت أحرونوت» «إنني لا أعتقد انه على أرض الواقع يوجد شيء اسمه مقاطعة لإسرائيل، وربما هناك مقاطعة رسمية لكنها لا تؤثر على الواقع». وأضاف «يوجد تصدير إسرائيلي إلى كل مكان باستثناء، ربما، دول عدوة يحظر على الإسرائيليين أيضا المتاجرة معها وهي إيران وسوريا ولبنان، لكن هناك تجارة إسرائيلية مع السعودية وتصدير نشط للغاية إلى العراق وهناك تجارة مع غالبية الدول العربية والإسلامية». ووفقا لأرتسي فإن تأثير المطالبة السياسية بمقاطعة البضائع الإسرائيلية يأتي بنتائج معاكسة..
وحول إخفاء المستوردين لكون هذه البضائع مصنوعة في إسرائيل، قال أرتسي انه «يتم بيع البضائع إلى السعودية والعراق بواسطة طرف ثالث، وفي المغرب أو اندونيسيا يشترون البضائع الإسرائيلية مباشرة لكنهم يزيلون « صنع في اسرائيل « ، وفي مصر يشترون من إسرائيليين لكن في أوروبا وفي الأردن توجد مصانع كثيرة بملكية إسرائيلية ويكتبون على هذه البضائع .Made In Jordan لكن الجميع يعلم من هو صاحب البيت».
* اذن كيف يمكن ان نكافح هذا الامر ؟ سؤال اجاب عنه عادل بالقول ( مكافحة الظاهرة تقتضي اولا تكثيف عمليات الرقابة على الحدود لمنع التهريب ورفع الوعي والتدريب لدى موظف الجمارك وغيرهم في المنافذ والموانيء الحدودية لمنع التهريب بالمستندات وجمع المعلومات المسبقة عن البضائع التي يمكن ان تصل السودان عن طريق مكاتب التمثيل التجاري السودانية الموجودة في السفارات السودانية خارج السودان ).
سلمى فتح الباب :الراي العام