لو اتكلمنا يقولوا مغرضين ولو سكتنا حلايب حتروح
على طريقة ذلك (المسنوح) الذي بعد أن (بخبخ وتمخمخ) جيداً وهو جالس على ضفة النيل الازرق تلفح وجهه نسائم الليل العليلة فتزيده (مخمخة)، صوّر له خياله الجامح أن النيل قد غيّر مسار جريانه الطبيعي، فأطلق عبارته التي جرت مثلاً (لو إتكلمنا يقولوا مساطيل ولو سكتنا مدني حتغرق)، كان لا بد لنا أن نتكلم عن حلايب حتى لو قالوا عنا مغرضين وفتانين أصحاب غرض ومثيري فتن، لأن الوضع لم يعد يحتمل السكوت، فكلما صمتنا وطال صمتنا وجدنا أن الجانب الآخر قد تطاول في مشروعاته التمصيرية، وكل ما سألنا لماذا يحدث هذا أجابونا ببناء طابق آخر، وهكذا الى أن وصل الوضع في مثلث حلايب شلاتين- أبو رماد حداً لا يحتمل الميوعة ومسك العصا من منتصفها، فإما إعتراف كامل بمصرية حلايب فنصمت الى الابد، أو تأكيد جازم على سودانيتها يعتبر أى مساس بها تعدٍ على سيادة البلاد واعتداء على أرض من اراضيها، أما حكاية أنها ستصبح منطقة تكامل وتعاون وليست محل تنازع وتقاضٍ وأن تسمى حبايب بدلاً عن حلايب الى آخر هذا الكلام المعسول الذي ظل لعشرات السنين مجرد عبارات ملفوظة أو تصريحات مكتوبة، كل هذه الحكاوي ثبت أنها ليست سوى حدوتة من الحواديت التي تحولها السينما المصرية الى أفلام والتلفزيون الى مسلسلات لتزجية الفراغ، فقد ظلت كل الانظمة التي تعاقبت على حكم مصر منذ فترة ما قبل السادات والى زمان مرسي وأخيرا السيسي، تنتهج حيال حلايب سياسة واحدة وهى تعميرها وتمصيرها بالكامل، وقد مضت في ذلك أشواطاً بعيدة بينما ما تزال حكومتنا تتلكأ وتلوك حكاية التكامل والتعاون تتنطن بها على استحياء…
الآن وبعد أن وضح جلياً أن حكاية التكامل والتعاون ما هى إلا حدوتة مثل غلوتية دخلت نملة أخذت حبة وخرجت بلا سقف أو نهاية، وأنها مجرد صيغة للاستهلاك وكسب الوقت، وآخر وأقوى دليل على ذلك ما أعلنته مؤخرا الخارجية المصرية بوضوح لا لبس فيه ولا (دغمسة) كما تفعل حكومتنا، عن أن قضية حلايب وشلاتين قضية محسومة لأنها جزء من الأراضي المصرية،معتبرة خطوة لجنة الانتخابات السودانية تضمين حلايب ضمن الدوائر الانتخابية أنها اثارة للفتنة، فبربكم ماذا بقى بعد ذلك ليتكامل البلدان ويتعاونان حوله في مثلث حلايب، والعجيب أن يحدث هذا في عهد مصر ما بعد الثورة وعلى الرغم من تصريحات قادتها المتواترة التي كثيرا ما رددت مقولة أنهم لن يسمحوا لمثلث حلايب أن يكون سببا في أى نوع من التوتر وسيعملون من أجل أن تكون المنطقة نموذجاً للتعاون بين البلدين، بينما يفعلون على الارض شيئاً آخر هو التمصير الكامل، أليس أرحم وأكرم من هذه (البهدلة) و(الجهجهة) لو أن حكومتنا أهدتهم قطعة الارض هذه فأراحت وأستراحت، كما أهدتهم من قبل قطعان الماشية فهى ليست أعز من مثلث اليمي والفشقة كما قال أحد المصريين ساخراً ومتهكماً..
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي