عبد الجليل سليمان

السودانيات هن الجميلات

[JUSTIFY]
السودانيات هن الجميلات

دوماً كنت أجد نفسي مُتحفظاً (ليس مُحايداً)، إزاء تناول بعض الموضوعات التي تطرح للرأي العام ثم يدشن حولها جدل (عظيم)، يصعد بها بغتة إلى أعلى (بورصة) النقاشات والحوارات فتطغى على ما هو أكثر أهمية وإلحاحاً منها. وظل تحفظي قائماً ولا يزال (نسبياً) لجهة اعتقادي أن طرح أمور كهذه وتصعيدها يستهدف تغبيش الوعي وتغييبه، ما يجعلك ترى الحقائق غائمة أو تعمى عن رؤيتها كلياً.

ضمن تلك الأمور التي (لخمت) الساحة، الأسابيع المنصرمة، ما بدا لي وكأنها حملة على (غير هدى) و(دون رشد) على المرأة السودانية، بدءاً بالمذيعات (التلفزيونيات) منهن على وجه الخصوص. وهذه إشارة مهمة سنعود إليها لاحقاً لنربطها بما منّ به علينا (د. أنور أحمد عثمان) (عالم فلك)، من يقين جازم بأن السودانيات (شينات جداً) بقوله في حوار مدلوقة مقاطعة على الأسافير “أنا اندهشت جداً لأن نسبة الجمال قلت جداً جداً يعني أغلبهن شينات خالص خالص، وبعدين الشينات ما بريحو الإنسان وأنا بالذات، الشينة بتعمل لي حمى وبتعب جداً، أغلبهن شينات وقصار جداً، ما زي زمنا نحن الكانوا في الجامعة بسيطات، وكانوا يكتبون فيهن الأشعار والقصائد، أما الآن لا تجد امرأة يمكن كتابة شعر عنها أو قصيدة، وحالياً أشكالهم ما حلوة، وزمان بنات الجامعة عندما تنظر إليهن ترجف من جمالهم وشعرهن ولا يستخدمن الكريمات والمصائب المنتشرة حالياً”.

بالطبع، دلف عالم المفلك المُبجل مباشرة إلى موضوع الجمال وقرر بشأنه ما قرر، بيقين وإطلاق، ودونما خشيِّة (علمية)، فالرجل بدا وكأنه يتحدث عن أمرٍ عقدي روحاني، وليس جدلياً فلسفياً.

ورغم انعقاده (الشخصي) على ناصية العلوم، لكن يبدو أن سباحته اليومية في الأفلاك والأجرام السماوية، جعلته يتخلى عن علميته، ويهشم (منظاره المزدوج)، ويرتدي (التونية والبطرشيل) ليُكرس نفسه ويُعمدها (بطريركاً) جمالياً، لا تُرد فتواه ولا (تُدنس)، وإلاّ كيف يسمح لنفسه أن يتحدث بهذه الطريقة (شينات وقصار)، فعبارة مثل هذه يمكن أن تنقلب على قائلها بنص الآية الكريمة (وفي أنفسكم أفلا تبصرون).

هذه، تماثل تلك. وتلك إن كثيراً من ما يُسمى نقداً لأداء الإعلاميين، لا يقترب من الإذاعيين (بتاعين الإذاعة وكدا)، ويذهب مباشرة إلى إعلاميي التلفزيون، وهناك يشتغل بمبضعه على (المذيعات) وبعض المذيعين في حالات استثنائية نادرة. وبالتالي يبدو الأمر وكأنه مشتبك مع ما ذهب إليه (أنور عثمان) وإن ادعى هدفاً آخر.

على أي حال، ما ذهب إليه عالم الفلك، وما يذهب إليه تماهياً معه بطريقة غير مباشرة، بعض (الناقدين المفترضين)، يظلم المرأة السودانية كثيراً، وربما يعمد إلى إهانتها بهدف إفقادها الثقة بنفسها على المستويين (الجمالي والوظيفي/ الأدائي).

لكن في واقع الأمر، إذا ما حاولنا تطبيق ذات المعايير على الرجال السودانيين، الذين هم من أرحام أؤلئك النساء، فإنه يمكننا القول بأننا (شينين وقصار)، وأن أداءنا في العمل ضعيف، والدليل أنه رغم هيمنتنا على مفاصل كل شيء، لم نحقق منذ 1956م، وإلى اللحظة غير حروب مستعرة وسرمدية، وتدمير شامل للاقتصاد وللبنية الاجتماعية، و…. وما لاحصر لها من مخازٍ ومساوئ قد تجعلنا نفقد الوطن برمته.

لذلك ينبغي أن نعيد ألسنتنا إلى قيعان حلاقيمنا، ونصمت قليلاً، فالنساء السودانيات أجمل من الرجال، وأكثر قدرة على العطاء والنزوع نحو السلام، أما نحن فها (نحن)، تُحدث أخبارنا.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي