اتحاد الصحفيين.. ماعون أحمد وحاج أحمد
انتبهت منذ أول أمس إلى أن الزميلة (الانتباهة) التي تعد من أكثر الصحف توزيعاً، وبعد أن تسنم رئيس تحريرها (الصادق الرزيقي) سنام اتحاد الصحفيين، أضحت وربما هذه سابقة فريدة من نوعها بدون رئيس تحرير، حتى ولو بالإنابة، وإلى الآن (لحظة كتابة هذه الزاوية) لا أحد إلاّ (الله تعالى) وأولو العزم (التحليلي) من الناس، وحدهم من يعلمون وضعية (الرزيقي) الانتباهية الراهنة؟
تلك، كانت محض ملاحظة، لم نبذلها هنا تطفلاً، وإنما فعلنا ذلك حتى نمهد لما يليه، والذي نبدأه بمساءلة الجهات المعنية (مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية)، هل يحق لصحيفة ما أن تصدر (أزبليطة ساي) (دون رئيس تحرير)، وهل يعتد بما اجترحته صحيفة رئيس الاتحاد الجديد كسابقة تقتفي أثرها بعض الصحف، وهل عدم الإشارة لرئيس التحرير، حتى ولو في الصفحات الداخلية، مرهون بمدة محددة (كم هي؟) أم الأمر لا يعدو كونه مجاملة وكرماً سودانياً أصيلاً؟
وهذه أيضاً محض (ملاحظة) بمثابة (حيلة) نتوسل بها وبسالفتها للموضوع الرئيس لهذه الزواية، وهو يقوم على (زواية) (الرزيقي) بـ (الانتباهة)، عدد أمس، التي اختار لها عنواناً مثيراً للاهتمام وهو(إلى أي شيء ندعو؟)، وبعد (ديباجة) طويلة نسبياً، دلف (الرزيقي) مباشرة إلى قضية الحريات الصحفية واعتبرها من أهم القضايا التي تختبر صدقية اتحاده (طبعاً حمدت الله) إنه لم يقل (أم القضايا)، وإلا لما كنت تورطت في التعليق على ما كتب.
على أي حال، وطالما أنه وضع قضية الحريات هدفاً رئيساً لاتحاده و”أوجب واجباته وأخطر تحدياتها ولا يمكن التقاعس عنها، والمطالبة برفع أي قيود وعلى الصحافيين والصحف سواء أكان بإيقافها أو إخضاعها للرقابة البعدية والقبلية” بحسب توصيفه ما كان له أن يلتوي في الفقرة التالية التواءً لا يتناسب مع دعا إليه ولا مع وظيفته (المطلبية) الجديدة، فيقول في الفقرة التالية: “مع أن الرقابة غير موجودة حالياً”؟
هذا الاستدراك لا يبشر بخير، فلو كان “الرزيقي” مقتنع بأنه لا توجد رقابة، فلماذا أفرد لها حيزاً واسعاً في عموده واعتبرها هدفاً استراتيجياً لاتحاده، بالطبع كلنا نعلم أنه لا (رقابة قبلية) الآن، ولكن هنالك رقابة ذاتية أفظع، هذه الرقابة الذاتية سببها – و(الرزيقي) أول من يعلم ذلك – غياب الحريات الصحفية، وهذا الغياب يتمثل في أفظع صورة في سياستي (المصادرة والإغلاق) اللتين اختارتهما السلطات بديلاً للرقابة القبلية، الأمر الذي جعل الناشرين يخشون على رؤوس أموالهم، وعلى تشريد الصحفيين الذين يعملون في مؤسساتهم فيفرضون رقابة ذاتية تصل حد الهوس أحايين كثيرة.
فيما عدا ذلك، فإن ما تلاه، رغم أهميته البالغة، لكنه للأسف – لن يتحقق ما لم تكون هنالك حرية، لذلك لن نناقشه حتى لا نريق مدادنا وندلقه على السراب.
وإن كان لا بد من كلمة أخيرة، فإن خطاب الاتحاد الحالي، لا يبدو مُختلفاً كثيراً عن سالفه ربما كونهما من ماعون واحد ماعون (أحمد وحاج أحمد)!!
[/JUSTIFY]الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي