حتى لا يحترق الرزيقي ومن معه
لم يكن الخبر المدهش يوم أمس هو فوز قائمة المؤتمر الوطني في انتخابات اتحاد الصحفيين، لأنه المتوقع.. لكن الخبر المدهش والغريب حقاً هو إعلان السيد نائب رئيس الجمهورية لدى مخاطبته الجمعية العمومية للاتحاد وقف الرقابة القبلية من الأجهزة الأمنية على الصحف، مع أن المعلوم للجميع أن تلك الرقابة تم رفعها قبل فترة..!
ترى هل كانت الرقابة مستمرة بصيغ خفية أم ماذا؟.. ولو كانت الرقابة القبلية موجودة فعلا ًحتى يوم أمس، فكيف سيتأكد الصحفيون من تنفيذ قرار رفعها أو عدمه بعد اليوم طالما أنها رقابة غير مرئية.؟!
تحديد نوع وشكل العلاقة بين الأجهزة الحكومية والمؤسسات الصحفية بوضوح وجهة الإشراف على عمل الصحفيين وآليات هذا الإشراف وحدوده ومبرراته المقنعة، هذا هو الملف الأول والأهم على طاولة الأستاذ الصادق الرزيقي، نقيب الصحفيين الجديد، وهو صحفي تتميز شخصيته بالدبلوماسية العالية والطرح والموضوعي، كما أنه بطبعه ظل يقتصد كثيراً في اكتساب الخصوم.. بما يجعله محبوباً لدى الجميع.
الرزيقي قال في أول تصريح له قبل الإعلان رسمياً عن النتيجة ( إن الاتحاد للجميع لمن قاطع ومن شارك) وهذا شعار جيِّد، لكن المدخل لترجمته على أرض الواقع، وترجمة تلك النوايا الطيبة، يجب أن يبدأ بتوفير الحصانة اللازمة لقرار رفع الرقابة والذي تم التأكيد عليه من الرئاسة لأسباب غير واضحة لنا، لكننا ننتظر أن تتوفر الحماية الكافية لحرية الصحافة، وأعني الحرية غير الخاضعة لمزاجية السلطة ونوباتها الطارئة.
ولو نجح اتحاد الرزيقي في ترسيخ هذه المبادئ فلن تجد شبكة الصحفيين أو غيرها نفسها في موقف المقاطعة أو المعارضة، لأن القضية ليست قضية سياسية، بل قضية نقابية، ومعظم الصحفيين هم في الأصل غير مشغولين بتبني أية أجندات سياسية حتى ولو كانت لهم مواقفهم وميولهم وأفكارهم، لكنهم في الغالب لا يحبون الظهور خلف أية لافتة حزبية أو تنظيمية، لذلك فوجئ الكثيرون بوجود بعض الأسماء في قائمة المؤتمر الوطني لم يكن من المعروف عنهم أي نشاطات حزبية وانتماءات معلنة..
بإمكان الاتحاد الجديد تحقيق ذلك لو امتنعت الأجهزة التنظيمية الحاكمة التي رشحته من التدخل في عمله، لأن تلك النتيجة التي ستتحقق لن تصب في نهاية الأمر في ضرر الحزب الحاكم، بل في مصلحته التي قد لا تبدو معالمها بائنة أمامه، لكنها تظهر بعد أن تكتمل..
اتركوهم يعملون دون إرهاب تنظيمي وبحرية حتى ينجحوا في تحقيق أحلام الصحفيين، فالرزيقي سيحترق سريعاً لو لم ينحز لقضايا الصحفيين المهنية بشكل واضح.. والحزب الحاكم هو الآخر سيحترق لو لم يُخضِع نفسه لعمليات تحسين الصورة وبنوايا حقيقية وصبر على الصحافة..
شوكة كرامة:
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي